أسباب انتشار المذهب المالكي في المغرب الإسلامي
ثانيا: العامل الجغرافي
1/دور قافلة الحج في التلقي على مذهب مالك:
يعتبر الحج مؤتمرا سنويا يجتمع فيه المسلمون من كل الأقطار لأداء فرض الله الذي افترضه عليهم ثم يعرجون إلى المدينة لزيارة قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – والصلاة في مسجده .
وكما كان يصاحب قافلة الحج من التجار يتجرون إلى مكة والمدينة ومصر ؛ كان يصاحبها جمع من الطلبة الذين يطلبون العلم في مكة وفي المدينة وفي غيرها من الأقطار ؛ وفي المدينة لا يجدون أشهر من عالمها :مالكا ليأخذوا العلم عنه :فيلازمونه ويتعلمون منه ثم يعودون لبلادهم ينشرون مآثر مالك وعلومه فيمهدون الناس لحبه وتقبل آرائه الفقهية خاصة وأنه كان في المدينة وهي مهبط الوحي ومحط أنظار المسلمين .
2/ نشوء المذهب بالديار المقدسة:
كانت رحلة المغاربة لا تعدو أرض الحجاز إلا قليلا فقد كانوا يؤمونها للحج والعمرة فإذا أتموا ذلك عرجوا على المدينة لزيارة قبر النبي – صلى الله عليه وسلم –ويقيمون بها يستمعون أخبارها. وكانت شهرة مالك تملأ المدينة وتتجاوزها إلى غيرها ؛لذلك كان الحجاج يقصدون مجلسه لطلب الفتوى وللتعلم وللتأدب والتبرك أثناء إقامتهم بالمدينة.
وكان لجلوس مالك قرب قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – وفي مسجده – صلى الله عليه وسلم – وهو يحدث عنه ويروي عنه فيتمثلونه في مقاٍم عالٍ جداً - وهم أحدث الناس إسلاما –فيؤثر ذلك على أنفسهم تأثيرا إيجابيا ؛وهذا مما يساعد مذهب مالك على الانتشار بين المغاربة لمَّا يحملون عنه أطايب الأخبار معطرة بالأجواء التي توحيها قيمة المدينة التاريخية والنفسية .
3/بعد العراق عن طريق رحلة المغاربة إلى الحجاز:
وكان لهذا العامل دور كبير ؛فالكوفة تبعد آلاف الأميال عن المغرب وكذلك البصرة ؛وإنما كان المغاربة يرحلون إلى الحج إما عن طريق سيناء و ينعطفون منها عن طريق البر ،وإما عن طريق البحر الأحمر ، ولم يكن العراق في طريقهم حتى يأخذوا عن علمائه والذين رحلوا إليه اثنان فقط : عبد الله بن فروخ وأسد بن الفرات.
ثم إن العراق له ميزة أ خر ئ جعلت المغاربة يعزفون عنه إضافة اْي بعده وهو أن كان موطن الفرق المختلفة والنحل المتباينة ففي ربوعه كان الشيعة – معتدلوهم و غلاتهم – وفيه كانت المعتزلة والجهمية والقدرية والمرجئة وغيرهم منذ القدم حتى قال ابن أبي الحديد :’’ ومما يقدح لي في الفرق بين هؤلاء القوم [الروافض] وبين الذين عاصروا رسول الله – صلى الله عليه وسلم
– أن هؤلاء القوم من العراق وساكني الكوفة؛ وطينة العراق ما زالت تنبت أرباب الأهواء وأصحاب النحل العجيبة والمذاهب البديعة، وأهل هذا الإقليم أهل بصر وتدقيق ونظر وبحث عن الآراء والعقائد وشبه معترضة المذاهب ،وقد كان منهم أيام الأكاسرة مثل ماني و ديصان ومزدك وغيرهم، وليست طينة الحجاز هذه الطينة ولا أذهان الحجاز هذه الأذهان’’
ثالثا : العامل السياسي
وأعني به التزام السلطات السياسية [ الأمراء/الخلفاء/القضاة] بأحكام المذهب المالكي وكان هذا العامل نتيجة للجهود التي أثمرتها العوامل السابقة ولولاها لما كان لهذا العامل كبير أثر في التزام المجتمع المغاربي بالمذهب المالكي والدليل عليه ما صنعه الفاطميون الذين حاولوا فرض مذهبهم على الناس فحاربوه وناصبوه العداء ،وفي هذا السياق يمكن أن نفهم كلمة ابن حزم المشهورة:’’ مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرياسة والسلطان: الحنفي بالمشرق والمالكي بالمغرب’’
وسنركز في حديثنا على القضاة باعتبارهم ألصق السلطات السياسية بالناس بالمقارنة مع الأمراء والخلفاء ؛ونلاحظ تأثيرهم على الناس من خلال جانبين أساسيين:
1/صلابة القضاة في تنفيذ أحكام الشرع:
إن تولي المالكية خطة القضاء وصلابتهم في تنفيذ أحكام الشرع – خاصة إذا تعلق الأمر بالأمراء والخلفاء – كان له أثر كبير على انتشار المذهب المالكي من حيث قبول الناس له ومن حيث قسر الناس على التعامل وفق أحكامه.
ونمثل لذلك بما قاله سحنون للأمير محمد بن الأغلب لما ولاه القضاء مكرها:’’ أبدأ بأهل بيتك وقرابتك وأعوانك،فإنَّ قِبَلَهُم ظلمات الناس وأموال لهم منذ زمان طويل إذ لم يجترئ عليهم من كان قبلي ’’ ولذا لما قيل لسحنون هذا منصور دخل من تونس بالحرائر فركب وانتزع ما بيده فدخل منصور على ابن الأغلب وقد شق ثوبه وذكر ما جرى له مع القاضي وكان أن غضب الأمير وأرسل فتاه إليه قائلا له :’’اردد السبي على منصور ’’ وإلا فأتني برأسه وبعد قصة طريفة قال الأمير لمنصور :’’ سلني عما شئت عن حوائجك وأعرض عن خبر سحنون ’’
وفي قصة أخرى دخل ابن طالب مع الأمير جنانا قد طاب ثمره فناوله ثمرا منه ثم قال ابن طالب:أيها الأمير يجب لله شكر أن بلغك غرسه ثم أكلت ثمرته. فقال الأمير :ما هذا الشكر ؟ قال :أن تصلي ركعتين .فأمر الأمير بحصيرين فبسطا ثم صليا ثم قال ابن طالب :وبقي آخر قال :وما هو ؟ قال :تبعث بصدقة إلى أهل الدمنة فإنهم أهل زمانة وضعف .ففعل ثم قال : وبقي آخر .قال: وما هو ؟ قال :تعزل من عمالك من كان جائرا وتجعل مكانه من يعدل في الرعية فأمر الأمير بذلك.
2/أوصاف القضاة الحسنة:
"فقد قيل في محمد بن سحنون كان ابن سحنون إمام عصره في مذهب أهل المدينة بالمغرب جامعا لخلال قلما اجتمعت في غيره من الفقه البارع والعلم بالأثر والجدل والحديث والذب عن مذهب أهل الحجاز ،وقيل في يحيى بن معمر الألهاني الذي عُدَّ من خير القضاة في قصد بصيرته وحسن هديه و صلابة قناته ،لا يميل بلومة لائم وقيل في ابن طالب أنه كان عدلا في قضائه ،ورعا في أحكامه ،كثير المشاورة لأهل العلم من أهل مذهبه وغيرهم."
أسباب انتشار المذهب المالكي في المغرب الإسلامي
ثانيا: العامل الجغرافي
1/دور قافلة الحج في التلقي على مذهب مالك:
يعتبر الحج مؤتمرا سنويا يجتمع فيه المسلمون من كل الأقطار لأداء فرض الله الذي افترضه عليهم ثم يعرجون إلى المدينة لزيارة قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – والصلاة في مسجده .
وكما كان يصاحب قافلة الحج من التجار يتجرون إلى مكة والمدينة ومصر ؛ كان يصاحبها جمع من الطلبة الذين يطلبون العلم في مكة وفي المدينة وفي غيرها من الأقطار ؛ وفي المدينة لا يجدون أشهر من عالمها :مالكا ليأخذوا العلم عنه :فيلازمونه ويتعلمون منه ثم يعودون لبلادهم ينشرون مآثر مالك وعلومه فيمهدون الناس لحبه وتقبل آرائه الفقهية خاصة وأنه كان في المدينة وهي مهبط الوحي ومحط أنظار المسلمين .
2/ نشوء المذهب بالديار المقدسة:
كانت رحلة المغاربة لا تعدو أرض الحجاز إلا قليلا فقد كانوا يؤمونها للحج والعمرة فإذا أتموا ذلك عرجوا على المدينة لزيارة قبر النبي – صلى الله عليه وسلم –ويقيمون بها يستمعون أخبارها. وكانت شهرة مالك تملأ المدينة وتتجاوزها إلى غيرها ؛لذلك كان الحجاج يقصدون مجلسه لطلب الفتوى وللتعلم وللتأدب والتبرك أثناء إقامتهم بالمدينة.
وكان لجلوس مالك قرب قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – وفي مسجده – صلى الله عليه وسلم – وهو يحدث عنه ويروي عنه فيتمثلونه في مقاٍم عالٍ جداً - وهم أحدث الناس إسلاما –فيؤثر ذلك على أنفسهم تأثيرا إيجابيا ؛وهذا مما يساعد مذهب مالك على الانتشار بين المغاربة لمَّا يحملون عنه أطايب الأخبار معطرة بالأجواء التي توحيها قيمة المدينة التاريخية والنفسية .
3/بعد العراق عن طريق رحلة المغاربة إلى الحجاز:
وكان لهذا العامل دور كبير ؛فالكوفة تبعد آلاف الأميال عن المغرب وكذلك البصرة ؛وإنما كان المغاربة يرحلون إلى الحج إما عن طريق سيناء و ينعطفون منها عن طريق البر ،وإما عن طريق البحر الأحمر ، ولم يكن العراق في طريقهم حتى يأخذوا عن علمائه والذين رحلوا إليه اثنان فقط : عبد الله بن فروخ وأسد بن الفرات.
ثم إن العراق له ميزة أ خر ئ جعلت المغاربة يعزفون عنه إضافة اْي بعده وهو أن كان موطن الفرق المختلفة والنحل المتباينة ففي ربوعه كان الشيعة – معتدلوهم و غلاتهم – وفيه كانت المعتزلة والجهمية والقدرية والمرجئة وغيرهم منذ القدم حتى قال ابن أبي الحديد :’’ ومما يقدح لي في الفرق بين هؤلاء القوم [الروافض] وبين الذين عاصروا رسول الله – صلى الله عليه وسلم
– أن هؤلاء القوم من العراق وساكني الكوفة؛ وطينة العراق ما زالت تنبت أرباب الأهواء وأصحاب النحل العجيبة والمذاهب البديعة، وأهل هذا الإقليم أهل بصر وتدقيق ونظر وبحث عن الآراء والعقائد وشبه معترضة المذاهب ،وقد كان منهم أيام الأكاسرة مثل ماني و ديصان ومزدك وغيرهم، وليست طينة الحجاز هذه الطينة ولا أذهان الحجاز هذه الأذهان’’
ثالثا : العامل السياسي
وأعني به التزام السلطات السياسية [ الأمراء/الخلفاء/القضاة] بأحكام المذهب المالكي وكان هذا العامل نتيجة للجهود التي أثمرتها العوامل السابقة ولولاها لما كان لهذا العامل كبير أثر في التزام المجتمع المغاربي بالمذهب المالكي والدليل عليه ما صنعه الفاطميون الذين حاولوا فرض مذهبهم على الناس فحاربوه وناصبوه العداء ،وفي هذا السياق يمكن أن نفهم كلمة ابن حزم المشهورة:’’ مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرياسة والسلطان: الحنفي بالمشرق والمالكي بالمغرب’’
وسنركز في حديثنا على القضاة باعتبارهم ألصق السلطات السياسية بالناس بالمقارنة مع الأمراء والخلفاء ؛ونلاحظ تأثيرهم على الناس من خلال جانبين أساسيين:
1/صلابة القضاة في تنفيذ أحكام الشرع:
إن تولي المالكية خطة القضاء وصلابتهم في تنفيذ أحكام الشرع – خاصة إذا تعلق الأمر بالأمراء والخلفاء – كان له أثر كبير على انتشار المذهب المالكي من حيث قبول الناس له ومن حيث قسر الناس على التعامل وفق أحكامه.
ونمثل لذلك بما قاله سحنون للأمير محمد بن الأغلب لما ولاه القضاء مكرها:’’ أبدأ بأهل بيتك وقرابتك وأعوانك،فإنَّ قِبَلَهُم ظلمات الناس وأموال لهم منذ زمان طويل إذ لم يجترئ عليهم من كان قبلي ’’ ولذا لما قيل لسحنون هذا منصور دخل من تونس بالحرائر فركب وانتزع ما بيده فدخل منصور على ابن الأغلب وقد شق ثوبه وذكر ما جرى له مع القاضي وكان أن غضب الأمير وأرسل فتاه إليه قائلا له :’’اردد السبي على منصور ’’ وإلا فأتني برأسه وبعد قصة طريفة قال الأمير لمنصور :’’ سلني عما شئت عن حوائجك وأعرض عن خبر سحنون ’’
وفي قصة أخرى دخل ابن طالب مع الأمير جنانا قد طاب ثمره فناوله ثمرا منه ثم قال ابن طالب:أيها الأمير يجب لله شكر أن بلغك غرسه ثم أكلت ثمرته. فقال الأمير :ما هذا الشكر ؟ قال :أن تصلي ركعتين .فأمر الأمير بحصيرين فبسطا ثم صليا ثم قال ابن طالب :وبقي آخر قال :وما هو ؟ قال :تبعث بصدقة إلى أهل الدمنة فإنهم أهل زمانة وضعف .ففعل ثم قال : وبقي آخر .قال: وما هو ؟ قال :تعزل من عمالك من كان جائرا وتجعل مكانه من يعدل في الرعية فأمر الأمير بذلك.
2/أوصاف القضاة الحسنة:
"فقد قيل في محمد بن سحنون كان ابن سحنون إمام عصره في مذهب أهل المدينة بالمغرب جامعا لخلال قلما اجتمعت في غيره من الفقه البارع والعلم بالأثر والجدل والحديث والذب عن مذهب أهل الحجاز ،وقيل في يحيى بن معمر الألهاني الذي عُدَّ من خير القضاة في قصد بصيرته وحسن هديه و صلابة قناته ،لا يميل بلومة لائم وقيل في ابن طالب أنه كان عدلا في قضائه ،ورعا في أحكامه ،كثير المشاورة لأهل العلم من أهل مذهبه وغيرهم."
أسباب انتشار المذهب المالكي في المغرب الإسلامي
الجمعة أبريل 18, 2014 6:49 am من طرف viva star
» مناهج النقد الأدبي . مترجم.rar
الخميس أبريل 17, 2014 5:01 pm من طرف viva star
» مصطلحات توليدية
السبت فبراير 08, 2014 2:55 pm من طرف رعاش وليد
» ارجو المساعدة
الجمعة يناير 10, 2014 2:10 am من طرف مريم عبد الرحمان
» مساعدة عاجلة جداااااااااا
الثلاثاء يناير 07, 2014 6:53 am من طرف مريم عبد الرحمان
» كتب في علم الدلالة
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:35 pm من طرف safih
» عرض حول معجم المقاييس لابن فارس
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:15 pm من طرف safih
» المعجم الالكتروني
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:06 pm من طرف safih
» تشغيل الجزيرة الرياضية بالشرينغ
الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 11:29 am من طرف safih