خصائص المدرسة الاحيائية

طلق اسم مدرسة البعث و الإحياء على الحركة الشعرية التي ظهرت في أوائل العصر الحديث،و التـزم فيها الشعراء النظم على نهج الشعر في عصور ازدهاره،منذ العصر الجاهلي حتى العصر العباسي.وهم مجموعة من الشعراء،نـذكر منهم البارودي الذي يـعدُّ رائد المدرسة،و أحمد شوقي وحافظ إبراهيم.و أثـبـت شعراء مدرسة البعث أن ضعف اللغة العربـية لا يرجع إلى قصور فيها،و إنما يـرجـع إلى الجهل بها و عدم التزود بأساليبها القوية؛فاللغة ليست جامدة محصورة في قوالب البديع إنما كان ضعفها شيئاً عارضا ًفي عصور محنتها،و ينـبـغي أن تعود إلى حياتها القديمة لتعبر عما يريدون من مشاعر و قضايا.وهكذا استطاع شعراء هذه المدرسة أن يحققوا لشعرهم جزالة الأسلوب
فشعراء هذه المدرسة الأدبية حافظوا على هيكل القصيدة العربية و أوزانها و قوافيها،و في سلاسة أسلوبها،و جزالة ألفاظها،وجعلوا من القصيدة العربية في عصور ازدهارها مثلاً أعلى بنوا عليه أسلوبهم الشعري،و استمدوا منها كثيراً من الصور التراثية بألوانها وخطوطها.
لكن شعراء هذه المدرسة لم يكتـفوا باتباع طريقة الشعراء القدامى،و احتذاء نماذجهم الرائعة فحسب؛إنما احتفظوا بشخصياتهم الفنية، و عـبـروا عن همومهم الذاتية الخاصة،و عن قضايا مجتمعهم و أمتهم السياسية و الوطنية و الاجتماعية،و عبـروا عن مشاعرهم إزاء هذه القضايا.و هذا يعني أنهم لم يكونوا نسخة طبق الأصل للشعر القديم،بل لاءموا بين القديم و الجديد.
سمات المدرسة الاحيائية:
1 ـ حافظ شعراء هذه المدرسة على نهج الشعر العربي القديم في بناء القصيدة؛فتقيدوا بالبحور الشعرية،و التزموا القافية الواحدة.
2 ـ ترسموا خطى القدماء فيما نظموه من الأغراض الشعرية كالمديح و الرثاء و الغزل و الوصف.
3 ـ جاروا في بعض قصائدهم طريقة الشعر العربي القديم في افتتاح القصيدة بالغزل التقليدي،و الوقوف على الأطلال.
4 ـ نسجوا على منوال القدماء في اختيار ألفاظهم،فجاءت فـصـيـحة جـزلة،و تـمسكوا بإحكام الصـياغة،و الأساليب البلاغية الشائعة في التراث الشعري،و اقتبسوا من هذه الأساليب و ضمنوها شعرهم،و حافظوا بذلك على الديباجة العربية الأصيلة،و رونق لفظها.
5 ـ جاروا الشعر القديم في تـعدد الأغراض الشعرية في القصيدة الواحدة،فـتـجد فيها الغزل و الوصف و المديح و الحكمة و يـنـتـقـلون من غرض إلى آخر كما كان يفعل الشاعر القديم.
6 ـ عارض كثير منهم روائع الشعر العربي القديم،و قلدوها بقصائد مماثلة وزناً و قافية أو موضوعاً.
7 ـ هجروا كثيراً من الأغراض الشعرية التي كانت تسود في عصر الانحطاط كالألغاز و التأريخ الشعري...لأنها لا تناسب روح العصر.
8 ـ استحدثوا أغراضاً شعرية جديدة لم تـكـن مـعـروفة من قبل في الشعر العربي،كالشعر الوطني،و الاجتماعي،و القصص المسرحي،و نظموا في المناسبات الوطنية و السياسية.و اعتمدوا في نظمهم على الأسلوب الخطابي الذي يلائم المحافل و المجامع.
9 ـ كان شعرهم هادفاً جاداً في مـعـناه،تـنـتـشر الحكمة و الموعظة بين ثناياه.و لعلهم في ذلك كانوا يـجارون ما في التراث الشعري من حكمة.و هدفهم تهذيب الأذواق،و إصلاح المجتمعات.
10 ـ يستهلون قصائدهم عادة بتصريع على عادة القدامى.
تطبيق: دلل على أن البارودي هو باعث الحركة الأدبية في العصر الحديث.
البارودي هو باعث الحركة الأدبية في العصر الحديث حيث ظهر البارودي في وقت كان الشعر العربي فيه مـثـقلاً بقيود الصنعة اللفظية،و ركاكة الأسلوب؛نتيجةً لضعف الأمة العربية،و خضوعها مئات السنين لحكم المماليك و الأتراك،و لكن الله هيأ له أن يتلقى تعليمه في بيئة صحيحة،بعيدًا عن أحوال الضعف الشاملة،فأكب(عكف و أقام )على قراءة الشعر الجاهلي و الأموي و العباسي؛فـتأثر بهذا الشعر الجيد،و تفاعل معه،فاكتسب القدرة على محاكاته،و السير على منـهجه؛فـنـقـل الشعر العربي من الضعف إلى القوة،و تـخطى الحواجـز و حطم القيود،و أحيا الشعر و بعثه من مرقده،و أثبت أن اللغة العربية قادرة على البقاء و الحياة،و أن أسباب ضعفها غريبة طارئة عليها.


http://www.arabe.physique48.org/bac/dz/viewtopic.php?f=44&t=13716

شـــــــــــــــــــــــكــــــرا لك