حِرْص العلماء وشغفهم بالكتب، قراءةً وتحصيلاً
علي العمران
لقد أبدأ العلماء وأعادوا في بيان قيمة كتب العلم، وعظيم أثرها، وجلالة موقعها، ولهم في ذلك عبارات مشهورة نثرًا وشعرًا، نجد كثيرًا منها في مقدمة كتاب ((الحيوان)) للجاحظ، وفي ثنايا كتبه، وفي ((تقييد العلم))، و((الجامع...)) للخطيب، و((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبدالبر، وفي مطاوي كتب ((أدب الطلب)) وكتب ((التراجم والسير)) ومقدِّمات المصنفات التي تتحدث عن (خزائن الكتب) فلا نُعيد ما قالوه، فهو مبتذلٌ في مظانِّه، إلا أني لم أشأْ إخلاء هذا الكتاب من لُمَعٍ منه (وهو مَظِنَّة ذلك)، فاخترتُ بضع كلماتٍ أُراهِا من أحسنِ ما قيل:
قال الجاحظ (255) في ((الحيوان)) : ((من لم تكن نفقته التي تخرج في الكتب ألذّ عنده من إنفاق عُشَّاق القِيان، والمُسْتهترين بالبنيان، لم يبلغ في العلم مبلغًا رضيًّا، وليس ينتفع بانفاقه حتى يُؤْثر اتخاذ الكتب إيثار الأعرابيِّ فرسَه باللبن على عِياله، وحتى يُؤمِّل في العلم ما يؤمِّل الأعرابيُّ في فرسِه)).
وذكر الإمام أبو محمد بن حزم (456) في ((رسالة مراتب العلوم)) دَعَائِمَ العلم، فعدَّ منها ((الاستكثارُ من الكتب، فلن يخلوَ كتابٌ من فائدة وزيادة علمٍ يجدَها فيه إذا احتاجَ إليه، ولا سبيل إلى حفظ المرء لجميع علمِه الذي يختصّ به، فإذ لا سبيل إلى ذلك، فالكتب نِعْم الخِزانة له إذا طُلِب.
ولولا الكتب لضاعت العلوم ولم توجَد، وهذا خطأٌ ممن ذمَّ الاكثار منها، ولو أُخِذَ برأيه، لتَلِفَت العلوم، ولجاذبهم الجهَّال فيها، وادَّعوا ما شاءوا!! فلولا شهادة الكتب لاستوت دعوى العالم والجاهل)) اهـ.
وفي كلِّ ما سيأتي من الأخبار والقصص لسانٌ ناطق، وبيانٌ مُشرق، لقيمة الكتب ومكانتها في نفوس هؤلاءِ العلماء، وهي بذلك غنيَّة عن أيِّ تعليق.
* ولع شيخ الإسلام ابن تيمية (728) بالمطالعة، وشغفه بالبحث
قال الحافظ ابن عبدالهادي (744) -تلميذه- في ((مختصر طبقات علماء الحديث)) -وذكر طرفًا من صفاته-: ((لا تكاد نفسُه تشبع من العلم، ولا تروى من المطالعة، ولا تملُّ من الاشتغال، ولا تكلُّ من البحث، وقَلَّ أن يدخل في علمٍ من العلوم في بابٍ من أبوابه إلا ويُفتح له من ذلك الباب أبواب، ويستدرك أشياء في ذلك العلم على حُذَّاق أهله)).
وقال الشيخ محمد خليل الهراس : ((كان لابن تيمية بصر نافذ ونفس طُلَعَة لا تكاد تشبع من العلم، ولا تكل من البحث، ولا تروى من المطالعة، مع التوفر على ذلك وقطع النفس له وصرف الهمة نحوه، حتى إنه لم ينقطع عن البحث والتأليف طيلة حياته في الشام أو في مصر، في السجن أو في البيت، بل إنه كان يتوجَّع ألمًا وحسرة حينما أخرجوا الكتب والأوراق من عنده في أُخْرَيات أيامه...)) اهـ.
* قراءة شيخ الإسلام وهو مريض
قال الإمام ابن القيم في ((روضة المحبِّين)) : وحدَّثني شيخنا -يعني ابنَ تيمية- قال: ابتدأني مرضٌ، فقال لي الطبيب: إن مُطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض، فقلت له: لا أصبر على ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسُرَّت وقَوِيت الطبيعةُ فدفعت المرضَ؟ فقال: بلى، فقلت له: فإن نفسي تُسرُّ بالعلم فتقوى به الطبيعةُ فأجدُ راحةً، فقال: هذا خارجٌ عن علاجنا...)) اهـ.
وقال ابنُ القيم أيضًا: ((وأعرف من أصابه مرض من صداعٍ وحُمَّى وكان الكتاب عند رأسه، فإذا وجد إفاقةً قرأ فيه، فإذا غُلِبَ وضعَه، فدخل عليه الطبيبُ يومًا وهو كذلك فقال: إن هذا لا يحلُّ لك فإنك تُعين على نفسك وتكون سببًا لِفَوْت مطلوبك)) اهـ.
* قراءة ابن الجوزي (597) (20 ألف) مجلدًا وهو بَعْدُ في الطلب
قال ابن الجوزي عن نفسِه في ((صيد الخاطر)) :-أثناء حديثه عن المطالعة والاكثار منها-: ((وإني أُخبر عن حالي: ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتابًا لم أره، فكأني وقعتُ على كنز. ولقد نظرتُ في ثَبَتِ الكتب الموقوفة في المدرسة النِّظَامية، فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلَّد، وفي ثبت كتب أبي حنيفة، وكتب الحُمَيدي، وكتب شيخنا عبدالوهاب بن ناصر، وكتب أبي محمد بن الخشَّاب -وكانت أحمالاً- وغير ذلك من كلِّ كتاب أقدر عليه.
ولو قلت: إني طالعتُ عشرين ألف مجلد كان أكثر، وأنا بعدُ في الطَّلب)) اهـ.
ثمَّ ذَكَر ما استفاده من المطالعة.
وهذا ابنُ الجوزي -أيضًا- يوصي العالمَ وطالبَ العلم بقوله : ((ليكن لك مكان في بيتك تخلو فيه، وتحادث سطور كتبك، وتجري في حلبات فكرك)) اهـ.
* حرص ابن عقيل (513) على الوقت وشغله بالمطالعة والعلم.
ذكر ابن رجب الحنبلي في ((الذيل على طبقات الحنابلة)) في ترجمة ابنِ عقيل الحنبلي، عن ابنِ الجوزي أنه قال عنه: ((كان دائم التشاغُل بالعلم، حتى إني رأيتُ بخَطِّه: إني لا يحلّ لي أن أُضيع ساعةً من عمري، حتى إذا تعطَّل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مُطالعة، أعملتُ فِكري في حالة راحتى وأنا مُسْتَطرِحٌ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره. وإني لأجد من حِرصي على العلم وأنا في عَشْر الثمانين أشدّ مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة)) اهـ.
ونقلَ ابنُ رجب من ((الفنون)) لابن عقيل أنه قال عن نفسِه: ((أنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي، حتى أختار سفَّ الكعك وتحسيه بالماء على الخبز، لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ، توفّرًا على مطالعةٍ، أو تسطير فائدة لم أدركها فيه)) اهـ.
* إذا لم اشتغل بالعلم، ماذا أصنع؟!.
ذكر الإمام المقريزيّ في ((المقفَّى الكبير)) العلامةَ ابنَ صدقة الحموي (599) أنه كان كثيرَ الاشتغال بالعلم دائم التحصيل له. وذكر عن الحافظ المنذري أنه قال: ((دخلتُ عليه يومًا وهو في سَرَبٍ تحت الأرض، لأجل شدَّة الحر، وهو شتغل. فقلتُ له: في هذا المكان؟ وعلى هذه الحال؟!.
فقال: إذا لم أشتغل بالعلم، ماذا أصنع؟
قال المنذري: إنه وُجِدَ في تَرِكَته محابر ثلاث، أحدها تَسَعُ عَشَرة أرطال، والأخرى تسعة، والثالثة ثمانية)).
* كتبه أحب إليه من وزنها ذهبًا .
وفي ترجمة الحافظ أبي طاهر بن أبي الصَّقر (476) في ((المنتظم)) لابن الجوزي أنه قال عنه: ((كان من الجوَّالين في الآفاق، والمكثرين من شيوخ الأمصار، وكان يقول: هذه كتبي أحب إليّ من وزنها ذهبًا)) اهـ.
ونقد أُصِيْبَ ببعضها كما ذكر الذهبي في ((تاريخ الإسلام)) ، أعظمَ اللهُ أجرَه في مصيبته بها.
* أُعجوبة في حفظ الوقت والتوفُّر على المطالعة .
قال الحافظ السخاوي في ((الضوء اللامع)) في ترجمة أحمد بن سليمان بن نَصْر الله البُلْقاسي ثم القاهري الشافعي المتوفى سنة (852) في ريعان شبابه : ((وكان إمامًا علاَّمة قوي الحافظةِ حسنَ الفاهمة، مُشاركًا في فنونٍ، طلْقَ اللسان، محبًّا في العلم والمذاكرة والمباحثة،غير مُنفك عن التحصيل، بحيث إنه كان يُطالع في مشيه، ويُقرىء القراءات في حال أكله خوفًا من ضياع وقته في غيره، أُعجوبة في هذا المعنى، لا أعلمُ في وقته من يُوازيه فيه، طارحًا للتكلُّف، كثير التواضع مع الفقراء، سهمًا على غيرهم، سريع القراءة جدًّا)) اهـ.
* أعرفه أكثر من (50) سنة إمَّا يُطالع أو يكتب .
قال السخاوي في ((الضوء اللامع)) في ترجمة محمد بن أحمد ابن محمد العُمَري الصَّغَاني ت (854): ((كان إمامًا علاَّمةً متقدمًا في الفقه والأصْلَين والعربية مشاركًا في فنونٍ، حسن التقييد، عظيم الرغبة في المطالعة والانتقاء، بحيث بلغني عن أبي الخير بن عبدالقوي أنه قال: أعرفه أزْيَد من خمسين سنة، وما دخلتُ إليه قطُّ إلا ووجدته يُطالع أو يكتب)) اهـ.
* كان لا ينفكُ من القراءة حتى وهو في الحمام.
قال ابن القيم -رحمه الله- في ((روضة المحبين)) -وهو يتكلم عن عِشْق العلم-: ((وحدثني أخو شيخنا (يعني أحمد ابن تيمية) عبدُالرحمن ابن تيمية، عن أبيه (عبدالحليم) قال: كان الجَدُّ (أبو البركات) إذا دخل الخلاء يقول لي: اقرأْ في هذا الكتاب وارْفَعْ صوتكم حتى اسمعُ)) اهـ.
أقول: وهذا سندٌ كالشمس، رحم الله الجميع.
* كان لا يَمَلُّ من المطالعة مع مزيد السَّهَر .
قال السخاوي في ((الضوء اللامع)) في ترجمة أحمد بن علي ابن إبراهيم الهيتي الشافعي ت (853): ((برع في الفقه وكثُرَ استحضارُه له، بل وللكثير من ((شرح مسلم)) للنووي، لإدمان نظره فيه... وكان لا يملّ من المطالعة والاشتغال، مع الخير والدين والتواضع، والجد المَحْض، والتقلُّل الزائد، والاقتدار على مَزِيْد السَّهر)) اهـ.
http://www.denana.com/main/articles.aspx?selected_article_no=9392
علي العمران
لقد أبدأ العلماء وأعادوا في بيان قيمة كتب العلم، وعظيم أثرها، وجلالة موقعها، ولهم في ذلك عبارات مشهورة نثرًا وشعرًا، نجد كثيرًا منها في مقدمة كتاب ((الحيوان)) للجاحظ، وفي ثنايا كتبه، وفي ((تقييد العلم))، و((الجامع...)) للخطيب، و((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبدالبر، وفي مطاوي كتب ((أدب الطلب)) وكتب ((التراجم والسير)) ومقدِّمات المصنفات التي تتحدث عن (خزائن الكتب) فلا نُعيد ما قالوه، فهو مبتذلٌ في مظانِّه، إلا أني لم أشأْ إخلاء هذا الكتاب من لُمَعٍ منه (وهو مَظِنَّة ذلك)، فاخترتُ بضع كلماتٍ أُراهِا من أحسنِ ما قيل:
قال الجاحظ (255) في ((الحيوان)) : ((من لم تكن نفقته التي تخرج في الكتب ألذّ عنده من إنفاق عُشَّاق القِيان، والمُسْتهترين بالبنيان، لم يبلغ في العلم مبلغًا رضيًّا، وليس ينتفع بانفاقه حتى يُؤْثر اتخاذ الكتب إيثار الأعرابيِّ فرسَه باللبن على عِياله، وحتى يُؤمِّل في العلم ما يؤمِّل الأعرابيُّ في فرسِه)).
وذكر الإمام أبو محمد بن حزم (456) في ((رسالة مراتب العلوم)) دَعَائِمَ العلم، فعدَّ منها ((الاستكثارُ من الكتب، فلن يخلوَ كتابٌ من فائدة وزيادة علمٍ يجدَها فيه إذا احتاجَ إليه، ولا سبيل إلى حفظ المرء لجميع علمِه الذي يختصّ به، فإذ لا سبيل إلى ذلك، فالكتب نِعْم الخِزانة له إذا طُلِب.
ولولا الكتب لضاعت العلوم ولم توجَد، وهذا خطأٌ ممن ذمَّ الاكثار منها، ولو أُخِذَ برأيه، لتَلِفَت العلوم، ولجاذبهم الجهَّال فيها، وادَّعوا ما شاءوا!! فلولا شهادة الكتب لاستوت دعوى العالم والجاهل)) اهـ.
وفي كلِّ ما سيأتي من الأخبار والقصص لسانٌ ناطق، وبيانٌ مُشرق، لقيمة الكتب ومكانتها في نفوس هؤلاءِ العلماء، وهي بذلك غنيَّة عن أيِّ تعليق.
* ولع شيخ الإسلام ابن تيمية (728) بالمطالعة، وشغفه بالبحث
قال الحافظ ابن عبدالهادي (744) -تلميذه- في ((مختصر طبقات علماء الحديث)) -وذكر طرفًا من صفاته-: ((لا تكاد نفسُه تشبع من العلم، ولا تروى من المطالعة، ولا تملُّ من الاشتغال، ولا تكلُّ من البحث، وقَلَّ أن يدخل في علمٍ من العلوم في بابٍ من أبوابه إلا ويُفتح له من ذلك الباب أبواب، ويستدرك أشياء في ذلك العلم على حُذَّاق أهله)).
وقال الشيخ محمد خليل الهراس : ((كان لابن تيمية بصر نافذ ونفس طُلَعَة لا تكاد تشبع من العلم، ولا تكل من البحث، ولا تروى من المطالعة، مع التوفر على ذلك وقطع النفس له وصرف الهمة نحوه، حتى إنه لم ينقطع عن البحث والتأليف طيلة حياته في الشام أو في مصر، في السجن أو في البيت، بل إنه كان يتوجَّع ألمًا وحسرة حينما أخرجوا الكتب والأوراق من عنده في أُخْرَيات أيامه...)) اهـ.
* قراءة شيخ الإسلام وهو مريض
قال الإمام ابن القيم في ((روضة المحبِّين)) : وحدَّثني شيخنا -يعني ابنَ تيمية- قال: ابتدأني مرضٌ، فقال لي الطبيب: إن مُطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض، فقلت له: لا أصبر على ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسُرَّت وقَوِيت الطبيعةُ فدفعت المرضَ؟ فقال: بلى، فقلت له: فإن نفسي تُسرُّ بالعلم فتقوى به الطبيعةُ فأجدُ راحةً، فقال: هذا خارجٌ عن علاجنا...)) اهـ.
وقال ابنُ القيم أيضًا: ((وأعرف من أصابه مرض من صداعٍ وحُمَّى وكان الكتاب عند رأسه، فإذا وجد إفاقةً قرأ فيه، فإذا غُلِبَ وضعَه، فدخل عليه الطبيبُ يومًا وهو كذلك فقال: إن هذا لا يحلُّ لك فإنك تُعين على نفسك وتكون سببًا لِفَوْت مطلوبك)) اهـ.
* قراءة ابن الجوزي (597) (20 ألف) مجلدًا وهو بَعْدُ في الطلب
قال ابن الجوزي عن نفسِه في ((صيد الخاطر)) :-أثناء حديثه عن المطالعة والاكثار منها-: ((وإني أُخبر عن حالي: ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتابًا لم أره، فكأني وقعتُ على كنز. ولقد نظرتُ في ثَبَتِ الكتب الموقوفة في المدرسة النِّظَامية، فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلَّد، وفي ثبت كتب أبي حنيفة، وكتب الحُمَيدي، وكتب شيخنا عبدالوهاب بن ناصر، وكتب أبي محمد بن الخشَّاب -وكانت أحمالاً- وغير ذلك من كلِّ كتاب أقدر عليه.
ولو قلت: إني طالعتُ عشرين ألف مجلد كان أكثر، وأنا بعدُ في الطَّلب)) اهـ.
ثمَّ ذَكَر ما استفاده من المطالعة.
وهذا ابنُ الجوزي -أيضًا- يوصي العالمَ وطالبَ العلم بقوله : ((ليكن لك مكان في بيتك تخلو فيه، وتحادث سطور كتبك، وتجري في حلبات فكرك)) اهـ.
* حرص ابن عقيل (513) على الوقت وشغله بالمطالعة والعلم.
ذكر ابن رجب الحنبلي في ((الذيل على طبقات الحنابلة)) في ترجمة ابنِ عقيل الحنبلي، عن ابنِ الجوزي أنه قال عنه: ((كان دائم التشاغُل بالعلم، حتى إني رأيتُ بخَطِّه: إني لا يحلّ لي أن أُضيع ساعةً من عمري، حتى إذا تعطَّل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مُطالعة، أعملتُ فِكري في حالة راحتى وأنا مُسْتَطرِحٌ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره. وإني لأجد من حِرصي على العلم وأنا في عَشْر الثمانين أشدّ مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة)) اهـ.
ونقلَ ابنُ رجب من ((الفنون)) لابن عقيل أنه قال عن نفسِه: ((أنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي، حتى أختار سفَّ الكعك وتحسيه بالماء على الخبز، لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ، توفّرًا على مطالعةٍ، أو تسطير فائدة لم أدركها فيه)) اهـ.
* إذا لم اشتغل بالعلم، ماذا أصنع؟!.
ذكر الإمام المقريزيّ في ((المقفَّى الكبير)) العلامةَ ابنَ صدقة الحموي (599) أنه كان كثيرَ الاشتغال بالعلم دائم التحصيل له. وذكر عن الحافظ المنذري أنه قال: ((دخلتُ عليه يومًا وهو في سَرَبٍ تحت الأرض، لأجل شدَّة الحر، وهو شتغل. فقلتُ له: في هذا المكان؟ وعلى هذه الحال؟!.
فقال: إذا لم أشتغل بالعلم، ماذا أصنع؟
قال المنذري: إنه وُجِدَ في تَرِكَته محابر ثلاث، أحدها تَسَعُ عَشَرة أرطال، والأخرى تسعة، والثالثة ثمانية)).
* كتبه أحب إليه من وزنها ذهبًا .
وفي ترجمة الحافظ أبي طاهر بن أبي الصَّقر (476) في ((المنتظم)) لابن الجوزي أنه قال عنه: ((كان من الجوَّالين في الآفاق، والمكثرين من شيوخ الأمصار، وكان يقول: هذه كتبي أحب إليّ من وزنها ذهبًا)) اهـ.
ونقد أُصِيْبَ ببعضها كما ذكر الذهبي في ((تاريخ الإسلام)) ، أعظمَ اللهُ أجرَه في مصيبته بها.
* أُعجوبة في حفظ الوقت والتوفُّر على المطالعة .
قال الحافظ السخاوي في ((الضوء اللامع)) في ترجمة أحمد بن سليمان بن نَصْر الله البُلْقاسي ثم القاهري الشافعي المتوفى سنة (852) في ريعان شبابه : ((وكان إمامًا علاَّمة قوي الحافظةِ حسنَ الفاهمة، مُشاركًا في فنونٍ، طلْقَ اللسان، محبًّا في العلم والمذاكرة والمباحثة،غير مُنفك عن التحصيل، بحيث إنه كان يُطالع في مشيه، ويُقرىء القراءات في حال أكله خوفًا من ضياع وقته في غيره، أُعجوبة في هذا المعنى، لا أعلمُ في وقته من يُوازيه فيه، طارحًا للتكلُّف، كثير التواضع مع الفقراء، سهمًا على غيرهم، سريع القراءة جدًّا)) اهـ.
* أعرفه أكثر من (50) سنة إمَّا يُطالع أو يكتب .
قال السخاوي في ((الضوء اللامع)) في ترجمة محمد بن أحمد ابن محمد العُمَري الصَّغَاني ت (854): ((كان إمامًا علاَّمةً متقدمًا في الفقه والأصْلَين والعربية مشاركًا في فنونٍ، حسن التقييد، عظيم الرغبة في المطالعة والانتقاء، بحيث بلغني عن أبي الخير بن عبدالقوي أنه قال: أعرفه أزْيَد من خمسين سنة، وما دخلتُ إليه قطُّ إلا ووجدته يُطالع أو يكتب)) اهـ.
* كان لا ينفكُ من القراءة حتى وهو في الحمام.
قال ابن القيم -رحمه الله- في ((روضة المحبين)) -وهو يتكلم عن عِشْق العلم-: ((وحدثني أخو شيخنا (يعني أحمد ابن تيمية) عبدُالرحمن ابن تيمية، عن أبيه (عبدالحليم) قال: كان الجَدُّ (أبو البركات) إذا دخل الخلاء يقول لي: اقرأْ في هذا الكتاب وارْفَعْ صوتكم حتى اسمعُ)) اهـ.
أقول: وهذا سندٌ كالشمس، رحم الله الجميع.
* كان لا يَمَلُّ من المطالعة مع مزيد السَّهَر .
قال السخاوي في ((الضوء اللامع)) في ترجمة أحمد بن علي ابن إبراهيم الهيتي الشافعي ت (853): ((برع في الفقه وكثُرَ استحضارُه له، بل وللكثير من ((شرح مسلم)) للنووي، لإدمان نظره فيه... وكان لا يملّ من المطالعة والاشتغال، مع الخير والدين والتواضع، والجد المَحْض، والتقلُّل الزائد، والاقتدار على مَزِيْد السَّهر)) اهـ.
http://www.denana.com/main/articles.aspx?selected_article_no=9392
الجمعة أبريل 18, 2014 6:49 am من طرف viva star
» مناهج النقد الأدبي . مترجم.rar
الخميس أبريل 17, 2014 5:01 pm من طرف viva star
» مصطلحات توليدية
السبت فبراير 08, 2014 2:55 pm من طرف رعاش وليد
» ارجو المساعدة
الجمعة يناير 10, 2014 2:10 am من طرف مريم عبد الرحمان
» مساعدة عاجلة جداااااااااا
الثلاثاء يناير 07, 2014 6:53 am من طرف مريم عبد الرحمان
» كتب في علم الدلالة
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:35 pm من طرف safih
» عرض حول معجم المقاييس لابن فارس
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:15 pm من طرف safih
» المعجم الالكتروني
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:06 pm من طرف safih
» تشغيل الجزيرة الرياضية بالشرينغ
الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 11:29 am من طرف safih