إعراب الجر دراسة تركيبية ودلالية وصرفية
الباحث: د / حسين علي أحمد الزارعي
الدرجة العلمية: دكتوراه
تاريخ الإقرار: 2003
نوع الدراسة: رسالة جامعية
الملخص :
يعد الإعراب عموما من أهم الظواهر اللغوية التي لا تكاد لغة من اللغات الموصوفة تخلو منه؛فكل لغة تمتلك نظاما إعرابيا لوسم كلمتها.ويعد الإعراب أيضا أساسيا في تنوع التعبير اللغوي وغناه،وفي تنوع جماليات اللغات بالنسبة لدارسي الأدب.ومع هذا الغنى في الإعراب وواسماته وصرفه،والدور الذي يلعبه في تعميق معرفتنا بالنحو واللغة،عبر مراحل الدرس النحوي واللغوي،ورغم تنوع النظريات التي اعتبرته أساس الدرس النحوي،إلا أن وضعه داخل البرنامج الأدنى في صيغتيه الأولى(شومسكي1992-1995)والثانية شومسكي(1998-2001)قد لا يعكس ،مباشرة،ما حظي به الإعراب من أهمية في الدرس النحوي واللغوي.فالإعراب في النظرية الأدنوية يعد نقائص imperfections ولا يتلاءم مع حقيقة أن اللغة "تصميم أمثل"نظرا لأن السمات الإعرابية(إلى جانب السمات التطابقية الفارغة)غيُر قابلة للتأويل،ولذلك فإن الاستغناء عنها(بواسطة الفحص) في المراحل المبكرة من الاشتقاق ضروري لمقاربة اشتقاق التعبير اللغوي.لكن الدور الذي يلعبه الإعراب والسمات الإعرابية مهم في تحريك العمليات الحوسبية،وهذا هو الدور الذي تتضح أهميته أكثر في الصيغة الأدنوية الثانية:ففي هذه الصيغة تظهر السمات الإعرابية مرتبطة بغيرها من السمات غير المؤولة(سمات التطابق الفارغة)؛ بحيث تلعب هذه السمات دورا مهما في إحداث خاصية "الانزياح"displacement التي تعد من خصائص التصميم الأمثل للغة حسب شومسكي(2001) (ويغطي مفهوم"الانزياح"عددا من المفاهيم السابقة مثل "النقل"و"التفكيك"و"الرتبة السطحية"وغيرها من المفاهيم المرتبطة بنظرية النقل عموما).فإذا كان ميكانزم الإعراب المضمن في السمات الفارغة يلعب هذا الدور الأساسي داخل ملكة اللغة،فإنه قد يوازي من الناحية البيو-لسانية بعض الميكانزمات الموجودة في الأجهزة الأخرى من قبيل الميكانزم الموجود داخل عدسة العين المبصرة.
وقد استحضرت مجمل النظريات والفرضيات المتوفرة في الأدبيات التوليدية الحديثة حول الإعراب عموما في مقاربة المشاكل المتعلقة بإعراب الجر وقضاياه التركيبية والدلالية والصرفية.ويعد إعراب الجر من بين الإشكاليات الحديثة التي تتطلب نقاشا واسعا كونه يلعب دورا في التفسير لجملة من القضايا والإشكاليات المطروحة عبر اللغات إلى جانب كونه مظهرا من مظاهر التوسيط بين اللغات.وقد اتخذتُ البرنامج الأدنى بصيغتيه إطارا نظريا عاما،إلى جانب عدد من النظريات والنماذج المعروفة الصرفية والمعجمية والدلالية:من قبيل نظرية انشطار الفتحة للسغروشني ونظرية الصرف الموزع المطبقة في هالي ومارنتيز(1993)والفاسي الفهري(1998)فيما يتعلق بالجانب الصرفي من البحث.وبعض النماذج النظرية المصممة لدمج البنية الموضوعية في المحمولات المركبة المطبقة أساسا في هيل وكيزر (1993)وفي الفاسي الفهري(1997)من بين آخرين،ونظرية النموذج الأصلي الدلالية المطبقة في غاليم(1999)فيما يتعلق بالجانب المعجمي الدلالي من البحث.
وقد انسقت وراء عنوان البحث في الكيفية التي صممت بها تمفصلات البحث فجاء في ثلاثة أقسام(القسم الصرفي،والقسم المعجمي الدلالي،والقسم التركيبي):
القسم الأول خصص للإعراب وقضاياه الصرفية:سواء أكانت قضايا صرفية محضة،أو تلك التي تكون في وجيهة مع الصرف كالقضايا الصرف-صواتية،والصرف-تركيبية.والقسم الثاني كان حول:حروف الجر ومواقع الجر البنيوية،مقاربة معجمية/دلالية وتركيبية.وكان القسم الثالث عبارة عن مقاربات وتحاليل أدنوية لإعراب الجر من الناحية التركيبية.وكل قسم من الأقسام المذكورة يضم ثلاثة فصول ألخصها على النحو التالي:
سأخصص الفصل الأول من القسم الأول لاستجلاء عدد من الإشكاليات العامة المرتبطة بالإعراب منها:مفهوم الإعراب و اختصاص الأسماء به.وكيف تتصرف اللغات في الإعراب وكيف تُحقِّقُه؟وكيف يمكن تصنيف اللغات إعرابيا،ثم ما دور الإعراب في التأويل الدلالي؟ ولم تلجأ اللغات إلى الإعراب؟
وسأقدم أولا بعض المفاهيم السائدة حول الإعراب،وأستدل على أنه خاصية للمقولات الاسمية.وأبين بعد بليك(1994)أن الإعراب مفهوم تركيبي علاقي:إذ هو نظام لوسم الأسماء التابعة بالنظر إلى علاقة الأسماء برؤوسها.وسأعرض لأهم الإعرابات المنتشرة في النظامين:رفع-نصب وأركاتي-مطلق، ولأهم الوظائف النحوية التي يرمزها كل إعراب.وسأقدم تحليلا لواسمات الإعراب التي صنفتها إلى واسمات تحليلية وواسمات تأليفية، وأبين أن تلك الواسمات قد تحتل الموقع القبلي أو البعدي اعتمادا على وسيط اتجاه الرأس(الرأس-أولا أو الرأس-لاحقا):ففي لغات الرأس-أولا(التي يندرج تحتها لغات الرتبة:فعل-فاعل ولغات الرتبة: فاعل-فعل) نجد أن الواسم الإعرابي يسبق فضلته، وفي لغات الرأس-مؤخرا(التي يندرج تحتها لغات الرتبة :مفعول.فاعل.فعل ولغات الرتبة:مف.فعل.فاعل) نجد أن الواسم يلي فضلته.وبالنسبة لتوزيع اللواصق(السوابق واللواحق)الإعرابية فقد لاحظت أن اللواصق تخضع لوسيط اتجاه الرأس ولكن بصورته المعكوسة:بجيث نجد اللاصقة الإعرابية تأتي كلاحقة محققة على آخر الكلمة في لغات الرأس-أولا، لكنها لا تستجيب لهذا الوسيط في لغات الرأس-لاحقا؛ بحيث نجد اللواصق الإعرابية تسم آخر الكلمة، وكان المنتظر أنها تسم أول الكلمة ، والتفسير لذلك يأتي من الناحية الصرف-صواتية:وهو أن الجزء الأولي للكلمة غالبا ما يكون صامتيا والجذوع تفصل الموقع الأولي الصامتي بحيث يوجِب هذا الفصل تقديم الجذوع على اللواصق.وسأخصص جزءا من هذا الفصل للتصنيف الإعرابي للغات في كل من التصنيف المحلي الكلاسيكي والتصنيف الحديث للإعراب، فهذا الأخير يصنف اللغات إعرابيا إلى لغات:رفع-نصب ولغات:أركاتي-مطلق، وسأحاول تقديم جملة من الخصائص التي تميز كل نمط.وكذا خصائص إعراب الجر وكيف يتحقق في كل من لغات النمط رفع-نصب وأركاتي-مطلق.وأختم هذا الفصل بنقاش حول دور الإعراب في التأويل الدلالي،وضرورة لجوء اللغات للإعراب،وأؤكد في هذا السياق أن الإعراب محايد من الناحية الدلالية بالرغم أن اللغات قد تلجأ إليه لتمييز الأدوار التركيبية المرتبطة بالمعاني الدلالي التحتية. وسأعتمد في مقاربة هذه الإشكاليات المذكورة عددا من الأعمال الحديثة التي اهتمت بالإعراب وطرق الوسم الإعرابي منها أندرسون (1971) وشومسكي (1981)والفاسي الفهري(1990) وبليك(1994) ودكسون(1994) وبيتر ومودي(1997)وكوري(2000) ولنكوباردي(2001) وسوران(2002)،وكذا بعض مراجع النحو العربي القديم.
في الفصل الثاني من القسم الأول أناقش مشكل التحقيق الصرافي لإعراب الجر، وأدافع عن أن مورفيم الكسرة[ـِ] هو التحقيق الصرفي الأساسي في كل الأشكال التي تتلقى الجر في العربية:المثنى والمذكر السالم والأسماء الخمسة.وأن الواو أو الألف في المثنى والمذكر السالم والأسماء الخمسة ليست حروف إعراب وإنما هي لواحق للعدد،تفرض الكسرةُ[ـِ] عليها ضغوطا صواتية وتحولها إلى [ي] بموجب قاعدة:و-ي،وقاعدة مماثلة.متبنيا في ذلك بعض التوجيهات المؤسسة على نظرية انشطار الفتحة وبعض التوجيهات والنقاشات المتكررة مع الأستاذ السغروشني والأستاذ التورابي في مناسبات مختلفة.
وسوف أدافع عن فرضية وجود مستويين صرفيين:الأول قبل معجمي،تبنى فيه سمات اللواصق الصرفية من قبيل سمة العدد وغيرها،باستثناء السمة الإعرابية فإنها تبنى في مستوى صرفي متأخر، وهو عبارة عن مكون صرفي مستقل، متبعا في ذلك فرضيات الصرف الموزع المقترحة في هالي ومرنتز(1993) والمتبناة في الفاسي الفهري(1998).والسبب في فصل صرفية الإعراب عن بقية الصرفيات يعود إلى أن سمة الإعراب سمة ناتجة عن عملية الضم بين الرأس المسند لها والفضلة المحققة عليها(علاقة عمل إعرابي)، وهذه العملية متأخرة عن عملية بناء الصرفيات التي لا تعد نتاجا لتفاعل تركيبي وإنما تخضع لعمليات بناء الكلمة.وفي المستوى الأخير تدمج صرفية الجر[ـِ] ويتم التأليف بينها وبين لاحقة العدد[و]،لأن هذا المستوى هو المحدد لإدماج صرفيات جديدة كما أنه المختص بدمج السمات الصواتية في التركيب بحيث يهيئ للانتقال من (ب.س) إلى (ص.ص)،وفي هذه الأخيرة يتم التحقيق الصواتي لصرفية الإعراب ولاصقة العدد وغيرها في آن واحد.
وسأخصص جزءا من هذا الفصل لمشكل الممنوع من الصرف المحدد بثلاثة مظاهر:غياب التنوين،وتحوُّل صرفية الجر من [ـِ]إلى[ـَ]،وعودة الجر[ـِ] مع الإضافة والاسم المعرف في حين يبقى التنوين غائبا.وسوف أبين أن المنع من الصرف نتيجة لتفاعل قوالب صواتية وصرفية ودلالية وتركيبية.فعلى سبيل المثال:بعض السمات المانعة من الصرف من قبيل[+عجمة] تبنى في المكون الصواتي،وتبنى السمات من قبيل[+صيغة أفعل] في المكون الصرفي،في حين تبنى بعض السمات من قبيل السمة[+علمية] في المكون الدلالي،وسأفترض أن جميع المكونات الثلاثة المذكورة موجودة في مستوى قبل معجمي.وتبنى السمات الدالة على الإعراب أو التنوين تركيبيا في مكون صرفي مستقل.ويلزم عن ما افترضته أن المنع من الصرف غير محدد في المستوى المعجمي للكلمة حتى تصل إلى التركيب ومن ثم نتبين ما إذا كانت المفردة مصروفة أم لا.فكلمة من قبيل مفردة أحمد ،مثلا،لا يدخلها التنوين أو الإعراب إلا بعد أن تلج في المجال التركيبي الذي يضيف لها سمات صرفية جديدة كالتنوين والإعراب.
وسوف أبين أيضا أن المنع من الصرف مرتبط بمفهوم التمكن وعدم التمكن في الاسمية.ويعد المنع من الصرف في هذا التصور نتيجة لتراكم القيم الموجبة(ظهور أكثر من وسم على الكلمة) الذي يأتي من حقيقة كون صرف الأسماء العربية صرفٌ لاسلسلي.وسوف أستدل على أن التعريف وكذا الإضافة لهما خصائص اسمية قوية،وبالتالي فإنهما يلعبان دورا أساسيا في تأسيم الاسم الممنوع من الصرف ورده إلى تمكنه،الشيء الذي يسمح بعودة مورفيم الجر.كما أبين أن غياب التنوين مرتبط ،إلى جانب مبدأ تراكم القيم، بمبدأ التصادم في القيم الدلالية الذي يمنع توارد أداة التنكير(التنوين) مع الاسم المعرف أو المضاف(التعريف).
من ناحية أخرى سأبين أن قيد الجذع الأقصى غير كاف للتفسير للمنع من الصرف،نظرا لأنه لا يفسر إلا لحالات قليلة مما هو ممنوع الصرف محددةٍ فيما يسمى(عند النحاة التقليديين) بالمنع لعلة واحدة.
أما الفصل الثالث من القسم الأول فسيكون حول اسمية الإعرابِ ومستويات الترميزِ الإعرابي ؛ففي هذا الفصل أدافع عن كون الإعراب خاصيةً للمقولات التي تخصِّص سماتٍ اسميةً[+س]؛بمعنى أن الإعراب لا يسنَد إلا إلى الأسماء أو المقولات التي تضم إلى جانب سماتها الأصلية سماتٍ اسميةً كالصفة واسم الحدث والوصف المشتق وبعض الظروف وغيرها.فهذه الأشكال في اعتقادي إنما تتلقى الإعراب نتيجة لكونها تخصص بعض السمات الاسمية التي تمكنها من تلقي الإعراب متبنيا وموسعا فرضيات ستول(1981)في هذا الصدد.وهذه الملاحظة ربما تساعد في فهم الطبيعة المقولية لكل من اسم الحدث والمشتق والظرف،فكل من هذه المقولات الأخيرة تتميز بقدرتها على ترميز سمة إعراب الجر، وبأن كلا منها يمكن أن يرأس بنية جر مستقلة.واستجلاءُ الطبيعة المقولية لتلك المقولات سوف يمكن من تتبع سلوك الجر في كل تلك الأشكال المقولية ،ومعرفة الكيفية التي يسنَد بها الإعراب.وقد لاحظت مطولا أن العديد من الإشكاليات التي ستواجهني لاحقا مرتبطة بالطبيعة المقولية لكل من اسم الحدث والمشتق والظرف وغيرها،وما لم يتم الانطلاق من تصور واضح حول هذه الأشكال المقولية-على الأقل من وجهة نظر هذا البحث-فسيبقى التفسير لسلوك الجر فيها أمرا معقدا.وأبسط مثال لذلك التعقيد المرهونِ بالطبيعة المقولية اسمُ الحدث؛ بحيث يصعب معرفة الكيفية التي سيتم بها إسنادُ الجر في حال ما إذا كانت المقولة التي تسقطُ أولا هي الاسم مضموماً إليها مفعولُ اسم الحدث، خصوصا،أنني أساير إطاراً نظرياً لا تنسجم معه فكرة التحول المقولي بمفهومها التقليدي،إلى غير ذلك من الإشكاليات الإعرابية المتعالقة مع الطبيعة المقولية للمقولات النحوية.وسأستدل أيضا بعد الفاسي الفهري(1990)على أن النظرية التقليدية للمقولات النحوية كما هي في شومسكي(1970) ،والمتبناة في عدد واسع من التحاليل، غير كافية للتفسير لعدد من الإشكاليات الحديثة،نظرا لأنها لا تكفي لوصف المقولات المزدوجة كاسم الحدث والمشتق والظرف.وأستدل أيضا على أن المقولات البسيطة مبدئيا مخصصة فقط بالقيم الموجبة، على اعتبار أن كل مقولة تمتلك خصائص مستقلة بما في ذلك الحرف الذي أعده[+ح] وليس [-ف-س] نظرا لأن وجود مقولة بدون تخصيص سمي يفقدها خصائصها التركيبية والمعجمية والدلالية في اعتقادي.وتخضع المقولات المركبة لمبدأ إعرابي ينص على أن كل مقولة مركبة تتألف من مقولتين بسيطتين:الأولى تسنِد الإعراب والأخرى مقولة اسمية بموجبها تتلقى الإعراب متبنيا في ذلك نظرية ستويل(1981) عن المقولات.ويتنبأ هذا المبدأ بعدم إمكانية ورود مقولات تضم سمات "فعلية"(ف)وحرفية(ح)في نفس الوقت،أو مقولات تضم سمات لمقولتين غير مسنِدتين للإعراب(س)و(ص)مثلا في نفس الوقت.وسأفترض أن المقولة التي تسقطُ في التركيب أولا هي المقولة القاعدية التي لها خاصية إسناد الإعراب،وبموجب عملية ضم م.س الفضلة إليها يتم إشباع سمات المقولة القاعدية كإعراب النصب مثلا،وعند الانتهاء من إشباع جميع السمات القاعدية تكون سمات الواجهة الاسمية من المقولة المزدوجة في واجهة الفحص، وبموجبها تنتقل المقولة السينية(س0) إلى رأس الإسقاط الوسيط الذي هو عادة إسقاطٌ لإعراب الجر يقابل الزمن في بنية الجملة (بالكيفية التي سأدافع عنها في القسم الثالث)، وبمجرد الانتقال إليه تتحول المقولة إلى اسم تلقائيا(التحول المقولي التلقائي) دون اللجوء إلى لاصقة للتحول المقولي.وسأقدم على ذلك حجة من مبدأ مقاومة الإعراب.وسوف أخصص جزءا من هذا الفصل للبحث في مشكل المستوى الذي يرمز فيه الإعراب؛هل يأتي الإعراب مدمجا في المفردة من المعجم، أم أنه يرمّزُ في التعداد، أم في مستوىً آخر بعد التعداد.وفي هذا السياق أستحضر بعض ما جاء حول الترميز الإعرابي وفرضية الدمج في كل من بيكر(1988)وتنكا(1993)وشومسكي(1995).وسأستدل على أن الإعراب يرمَّز في المسند الإعرابي(العامل) بموجب عملية ضم Merge لـ م.س إليه،وأن الإعراب قبل هذا المستوى غير محدد.وسأقوم في نهاية هذا الفصل بتحديد بعض مفاهيم الأنماط الإعرابية التي سأتعامل معها كالإعراب الملازم والإعراب البنيوي،مستحضرا في تحديد هذه المفاهيم ما جاء في شومسكي(19981-1995)والفاسي الفهري(1990-1993)وبتنر وهيل(1996)وآخرين.
القسم الثاني من البحث وهو القسم المخصص لحروف الجر ومواقع الجر البنيوية، وهو قسم تهتم فصوله بالقضايا المعجمية الدلالية والتركيبية لحروف الجر.وإشكالية الفصل الأول منه تنشأ من ملاحظة السلوك المتباين لحروف الجر في إسنادها للإعراب؛بحيث قد تسند الإعراب الملازم المعجمي أو الإعراب البنيوي بناء على نوع البنية التي تضم حرف جر.
والافتراض الذي سأدافع عنه وأستدل عليه يتلخص في أن حروف الجر التي ترد ضمن متوالية ف-ح-م.س تسند الإعراب المعجمي الملازم،في حين أن تلك التي ترد في سياق المتوالية س-ح-م.س تسند الإعراب البنيوي من خلال رأس وظيفي يدمج فيه حرف الجر لاحقا.وسأصطلح على حروف الجر التي ترد ضمن المتوالية الأولى بحروف التعدية،وعلى حروف الجر التي ترد ضمن المتوالية الثانية بحروف الإضافة بناء على جملة من الخصائص التركيبية والدلالية التي تخول التمييز بين حروف الجر بهذه الطريقة.وسوف أخصص جزءا لمشكل التعالق الإعرابي بين النصب والجر وانعكاسات هذا التعالق على البنية المحورية(الموضوعية).مستلهما ما جاء في الفاسي الفهري(1986)والفاسي(1997)وجحفة (1999)وجحفة(2000)في هذا الصدد،معززا بعدد واسع من الدراسات النحوية القديمة.
وسأستدل على ضرورة التمييز بين حروف الجر بالكيفية المبينة أعلاه،وأقدم جملة من الخصائص التركيبية والدلالية لحروف التعدية وحروف الإضافة.وأتتبع سلوك حروف الجر ومعجمتها في الفعل،وأناقش مشكل التخصيص المعجمي لهذه الحروف،وأستدل على أن حرف الجر غير مخصص في المعجم بدلالة محددة،وإنما يكتسب تخصيصه من سياقه التركيبي،ثم أناقش حروف الجر في سياق طبقة الأفعال ركب و نزل،وصعد… التي تشترك في كونها تتعدى إلى "المكان"وتنتقي-اختياريا-حرف جر(تتعدى بالحرف أو بدونه).وسأفترض وسيطا للحرف الفارغ يوحد بين البنى التي تحقق الحرف وتلك التي لا تحققه وذلك باستعمال بعض فرضيات دمج البنية الموضوعية متبنيا فرضيات هيل وكيزر(1993)والفاسي(1997)حول فكرة الدمج للمحمولات المركبة.ثم أستدل على أن حروف التعدية تسند الإعراب الملازم نظرا لأنها تسنده داخل بنية الفعل المعجمية،بخلاف حروف الإضافة التي يلجأ فيها الحرف للصعود إلى إسقاط وظيفي أعلى لإسناد إعرابه.بعد ذلك أتتبع سلوك حروف الجر وإعراب الجر داخل بنى المحمولات المركبة ضمن طبقة أخرى تتمثل في أفعال الحلول والوضع المجرد وما يتصل بهذه البنى من مواضيع تلعب دورا مهما في التفسير لسلوك هذه الحروف.وسوف أخصص فرعا لتتبع سلوك حروف الجر في كل من بنى "الممنوح" وبنى "المفعولين"،والتفسير لإعراب الجر داخلها،مستلهما في ذلك عددا من المقاربات المنجزة حول تركيب المعجم التي تساعد كثيرا في التفسير لسلوك إعراب الجر داخل هذه البنى،ومن بينها هيل وكيزر(1993-1994)وبوت(1994)وألسينا(1994)وويليامز(1994)والفاسي الفهري(1997-1998).
الفصل الثاني من القسم الثاني يهتم بحروف الجر عموما؛بحيث يمكن تصنيفها إلى:حروف تعدية وحروف إضافة،كما أن حروف الإضافة يمكن إرجاعها إلى قسمين:الأول يمثل فيه الحرف رأساً معجمياً له موضوعان يحتلان موقعي المخصص والفضله،وتعد البنية بأكملها إسقاطا للصرفة التي تسند الإعراب الخارجي لفاعل الحرف.والقسم الثاني يمثل فيه الحرف رأسا وظيفيا، وتعد البنية التي يتوسطها هذا الحرف بنية إضافية يعلوها إسقاط حدي.وكلا النمطين من الحروف يلعب دورا –في تسويغ العلاقة بين العناصر التي يتوسطها- دلالياً ومن ثم تركيبياً:التسويغ الدلالي يتمثل في كون الحرف وانطلاقا من دلالته الخاصة يتفاعل مع العناصر التي يتوسطها لتقديم معنى عام هو "البعضية" في الأولى و"الملكية" في الثانية،وكلا النمطين من حروف الإضافة يعكسان دلالة فضائية ساكنة بخلاف حروف التعدية التي تعكس دلالة فضائية متحركة.والتسويغ التركيبي يتمثل في أن الحرف وانطلاقا من الملكية أو البعضية يرأس إسقاطا وجائهياً؛بمعنى أنه يربط بين الإسقاط المعجمي والإسقاطات الوظيفية،وبناء على هذه الخاصية فإن حروف الإضافة عموما تسوغ الدور التركيبي(الإعرابي)انطلاقا من خصائصها الوظيفية،وتسوغ الدور الدلالي انطلاقا من خصائصها المعجمية الدلالية.وسوف أؤكد أن حروف الإضافة عموما تسند الإعراب البنيوي عن طريق الصعود إلى الإسقاط الحرفي المعبر عنه "بالبعضية" مع الحروف التي لها بنية مركب حرفي،أو المعبر عنه بالملكية مع الحروف التي لها بنية مركب إضافي.
من جهة أخرى أبين أن موضوع الجر المرؤوس بالحرف التبعيضي يحتل موقع الفضلة،بينما يحتل موضوع الجر الملكي موقع المخصص،وأستدل على أن كلا الموضوعين يتلقيان الإعراب بكيفية موحدة(في علاقة مخصص-رأس) عندما ينتقل كل منهما إلى مخصص البعضية أو الملكية تباعا.ًولتسويغ النقول في بنية المركب الحرفي التبعيضي نلجأ إلى مبدأ تكافؤ الأبعاد وقيد السلسلة المقترحين في شومسكي(1995).
على هذا النحو أستدل على أن المركب الحرفي التبعيضي له بنية موازية لبنية الجملة ذات الرتبة:فاعل>فعل،وتعد كل منهما إسقاطا للصرفة التي تعمل في فاعل المركب الحرفي تبعا لافتراض الفاسي(1987).وبالتالي فإن فضلة الحرف ينبغي أن تتلقى الإعراب بنفس الكيفية التي تتلقى بها فضلة الفعل الإعراب عبر إسقاط وظيفي يخول لها النقل من موقع الفضلة إلى موقع المخصص.ولمقاربة هذا الفصل من الناحية الدلالية والتركيبية استحضرت جملة من الدراسات أذكر منها الفاسي(1987)وشومسكي(1995)وهرنستين(1995)وغاليم(1999)وجحفة(1999-2000)وآخرين،وجملة من الدراسات النحوية القديمة.
وسأخصص الفصل الثالث من هذا القسم للإضافة الملكية وأنماطها،وتتبع سلوك حروف الإضافة والدور الذي تلعبه في بنى الإضافة الملكية.وسأستدل على أن الإضافة الملكية موسطة بحرف جر ظاهر أو مقدر،يسوِّغ العلاقة الدلالية من ناحية بين المضاف والمضاف إليه،ويسند الإعراب من ناحية أخرى.وقبل ذلك أقترح سلمية للمواقع التي يظهر فيها الجر في بنى الإضافة الملكية،مستدلا على أن المالك يشغل الموقع الأعلى في السلمية تأسيسا على افتراضات الفاسي الفهري(1986)ولنكوباردي(2001).
وسوف أخصص جزءا لوصف أنماط الملكية عبر بعض اللغات المتاحة.وسأقترح سلمية للمواقع التركيبية التي يظهر فيها الجر في الإضافة الملكية (التي تحقق الحرف أو التي لا تحققه)وذلك بالمقارنة مع مواقع الجر الشجرية.وأستدل على أن موقع المالك يجب أن يحقق تركيبيا في اللغة العربية،وقد يحقق بضمير فارغ صواتيا مع طبقة محدودة من أسماء الأحداث كما في الأنجليزية.وما لم يحقق موقع المالك بأي كيفية فإن جملةً من المبادئ من بينها مبادئ الربط والتحكم المكوني،وقيد الفاعلية، ستكون مخروقة مما يؤدي إلى لحن البنية.كما أستدل على أنه يمكن التوحيد بين بنى الإضافة التي تحقق الحرف(الحرة) وتلك التي لا تحققه من خلال افتراض ضمير فارغ (ضم) يقدر في موقع المالك لكي نحصل على متوالية:س+مالك+(م.و) في كلا النمطين من الإضافة.وسأقترح مقاربة شجرية للتوسيط بين الحرف المحقق (الإضافة الحرة)وبنى الحرف غير المحقق(الإضافة التأليفية)،بحيث يلتقي النمطان الإضافيان في إسقاط الملكية المرؤوس بالحرف(المحقق في النمط الأول والفارغ في الثاني)،وهذا الحرف يعمل على تسويغ موضوع الجر في مخصصه ،ومن ثم فحص الجر البنيوي في علاقة مخصص-رأس.
بعد ذلك أستدل على أن العلاقة بين المضاف والمضاف إليه ليست مباشرة ولا شفافة، وإنما هي موسطة بحرف جر يقع في مستوى التماس بين الإسقاط المعجمي والإسقاط الوظيفي، ويلزم عن الخاصية الوجيهيية للحرف قدرتُه على إسناد الإعراب بموجب خصائصه التركيبية،وتسويغ العلاقة بين المضاف والمضاف إليه بموجب خصائصه المعجمية.وقد استلهمت لمقاربة مشاكل هذا الفصل عددا من الدراسات القيمة منها دراسة الفاسي الفهري(1986)التي يهمنا منها هنا ما جاء حول السلمية الإعرابية والسلمية المحورية،ودراسة عقال(1996) ويهمنا منها هنا ما تركز على اسم الحدث والقراءات الممكنة له(اسم حدث،اسم نتيجة،اسم محض)، ودراسة غاليم(1999) حول نظرية النموذج الأصلي،ودراسة لنكوباردي(2001)لإعراب الجر التي اعتمدت عليها بشكل أساسي في هذا الفصل.
ينشغل القسم الثالث بأكمله بالقضايا النظرية والتقنية لإعراب الجر في ضوء الصيغ والمقاربات المختلفة للبرنامج الأدنى.وينشغل الفصل الأول بإسقاطات ومجالات فحص إعراب الجر.وسأناقش من خلاله جملة من الإشكاليات المرتبطة بمسندات الجر الوظيفية ومجال فحصه في بنية الإضافة الملكية.وهذه الإشكاليات في الحقيقة نشأت عن عدم وضوح المسنِد الحقيقي لإعراب الجر في الأدبيات القديمة والحديثة؛ فبالنسبة للنحاة فقد اختلفوا في مسنِد الإعراب في الإضافة؛ فمنهم من زعم أن "المضاف" هو المسنِد لإعراب الجر، ومنهم من زعم أن المسنِد هو "معنى الإضافة"، وهناك طرح ثالث أكثر شيوعا يتمثل في أن المسند هو عبارة عن "حرف جر مقدر".
وبالنسبة للطروحات الحديثة فهناك أيضا نوع من عدم الوضوح ؛ فشومسكي (1981-1986أ) يفترض أن مسنِد إعراب الجر هو الاسم س رأسُ بنية الإضافة . ودافع عدد من باحثي الساميات(ريتر(1991) وسيلوني(1994) وبورر(1994) ولنكباردي(1994-1996))عن وجود إسقاط للتطابق يقوم بوظيفة إسناد الجر.وقد دافع الفاسي الفهري(1993-1998)عن فرضية الحرف الفارغ المعبَّر عنه بإسقاط الملكية في حين أن فحص سمة الجر منجز عبر الحد(الفاسي (1998)وعقال (1999)).
وهناك من دافع عن كون الإعراب عبارة عن رأس وظيفي مستقل يعمل كرابط للمركب الحدي كما هو الحال عند بيتنروهيل(1996).وسوف أحاول أن أعرض لمجمل هذه الطروحات،وكيف افتُرض أن جميع العناصر الوظيفية في بنية المركب الحدي الإضافي قادرة على تسويغ موضوع الجر وإشباع مطالبه الإعرابية.
في مستهل هذا الفصل أبين أن النظرية الإعرابية المرتبطة بإعراب الجر غير واضحة بدليل أن جمبع رؤوس المركب الحدي الإضافي -بداية بالرأس المعجمي الاسم وانتهاء بالحد-قد افترض لها أنها قادرة على إسناد الإعراب.بعد ذلك أستدل على أن الحجج المقدمة عن ضرورة إسقاط للتطابق غير كافية للاعتقاد بأنه مجال مناسب لإشباع مطالب الجر (لا التطابق كمورفيم مدمج في الحد ولا التطابق كإسقاط مستقل).كما أستدل على أن الحد هو موقع لعناصر محيلة، والإعراب مستثنى من تلك العناصر.ثم أخصص فرعا للحد وطبيعته، وأبين أن الحد عبارة عن مقولة وظيفية غير مخصصة بـ[+/-تعريف] منذ البداية،وأستدل على أن الحد ليس موقعا إعرابيا وإنما هو موقع يختص بالعناصر المحيلة من قبيل الأداة وبعض الأسوار والإشاريات وغيرها، وأن الإعراب مستثنى من هذه العناصر نظرا لأن الإعراب مستقل عن التأويل الدلالي.وأستدل أيضا على أن الإعراب مستقل عن الحد؛بمعنى أن الإعراب ليس معبرا عنه بواسطة الحد أو بواسطة مورفيمات مدمجة في الحد،وإنما هو إسقاط مستقل عن الحد،وأبرهن على أن حجة التوزيع التكاملي بين الحد والإعراب المقدمة في الأدبيات غير كافية للاعتقاد بأن الحد والإعراب معبر عنهما بقطعة واحدة.
بعد ذلك أدافع عن أن إسقاط الملكية هو الإسقاط المناسب لإشباع مطالب الجر وتسويغ موضوعه تجريبيا ونظريا،وأبين أن جل اللسانيين يؤيدون فكرة وجود إسقاط وسيط يختص بإشباع المطالب الإعرابية.وسأفترض أن إعراب الجر نتيجة مباشرة لغياب الزمن تبعا لعقال(1999) وبالتالي فإنه من الممكن أن يكون هذا الإسقاط الوسيط مرؤوسا بسمة[-زمن]،إذ لو كان الزمن حاضرا ولو في صورته الضعيفة لتلقى المالك الرفع لا الجر.ولمقاربة إشكاليات هذا الفصل استحضرت عددا واسعا من الأدبيات الأساسية في هذا السياق منها أبني(1987)و(الفاسي الفهري(1987)وصبولشي(1989)وريتر(1991)وسيلوني(1994)وبورر(1994/1996)ولنكوباردي (1996)وعقال(1999)والرحالي(1999-2000)وجلبرت(2000)وغيرها.
وينشغل الفصل الثاني من هذا القسم باشتقاق بنية الإضافة وتسويغ موضوع الجر في الأدنوية المحلية،ويركز على القضايا النظرية والتقنية التي بواسطتها نتمكن من اشتقاق بنى الإضافة الملكية وتسويغ موضوع الجر داخلها،وذلك من خلال ثلاث نظريات تمثل الصياغة الأساسية داخل البرنامج الأدنى(1992-1995).النظرية الأولى:نظرية النقل وفحص السمة(شومسكي(1992-1995))،والنظرية الثانية:نظرية التركيب اللامتناظر (كين(1994))،والنظرية الثالثة:نظرية البنية المركبية العارية(شومسكي(1994-1995).
ويمكن ضم هذه النظريات تحت مفهوم الأدنوية المحلية المبنية على محلية النقل تمييزا لها عن الأدنوية القوية(شومسكي(1998-2001))محور الفصل الموالي.وسوف أستدل أولا على أن اشتقاق بنية الإضافة الملكية يتطلب ضم الإفتراضين الواردين في الفاسي الفهري(1993)والفاسي(1998)في بنية شجرية واحدة؛وهما فرضية إسقاط الملكية،والافتراض المؤسس على الشطر تباعا.كما أبرهن مرة أخرى على ضرورة الإسقاط الوسيط لتسويغ مركب الجر وإشباع مطالبه.وفي فقرة موالية أستدل على ضرورة نقل س إلى الإسقاط الوسيط المبرر بفحص السمة القوية لهذا الإسقاط، وأن النقل يتم بموجب آخر ملاذ في صيغته المرنة أو المتحررة(النقل لفحص سمات نفسه أو غيره) لا في صيغة الجشع.ثم أستدل بنفس الكيفية على ضرورة نقل س إلى الحد.بعد ذلك أستدل على ضرورة نقل س إلى الحد2.وسأتبنى فكرة تعدد الرؤوس في مقابل تعدد المخصصات.وأستدل على أن التسويغ في هذا المستوى ينبغي أن يكون تركيبيا لا دلاليا.
وسأخصص جزءا من هذا الفصل لاشتقاق الإضافة الحرة وتسويغ موضوع الجر فيها في مخصص الملكية،وأستدل على أنها تمر بنفس مراحل الاشتقاق التي تمر بها بنية الإضافة البنائية.ثم أخصص جزءا للتمييز بين نوعين من الصفات التي تنتظم عادة بنية الإضافة؛وهما الصفة الناعتة للرأس الاسمي،والصفة المحورية أو الناعتة للمالك التي تتلقى إعراب الجر.وأستدل على أن الصفتين تحتلان نفس الموقع كملحق على يسار المركب الاسمي في الإضافة البنائية،لكنهما تنتقلان إلى موقعيين مختلفين؛الأولى تستقر في مخصص التطابق الأعلى من مخصص المالك، والثانية تستقر في مخصص المالك بعد انتقال المالك لكي ترث من هذا الموقع جميع خصائص المالك الإعرابية والتطابقية.وفي حال توارد الصفتين معا كما في الإضافة الحرة فإنني أقترح لمعالجتها نظرية التركيب اللامتناظر، وبناء عليها تولد الصفتان كملحقتين في موقعيين مستقلين؛ الأول ملحق أو مخصص للرأس الاسمي س، والثاني ملحق للمالك ويتم النقل بموجب نظرية الفاسي(1998)حول الصفات التي تسلسل العناصر في صورتها المرآوية ثم تعمل على نقلها إلى يمين الاسم.وسوف أخصص الفقرة الأخيرة لإعادة اشتقاق بنى الإضافة في ضوء مفاهيم نظرية البنية المركبية العارية(شوميكي (1994))،وأستدل على إمكانية الاستغناء عن الحد والاكتفاء بإسقاط الملكية(الإسقاط الوسيط)المعنون بـ س أقصى الذي يرمز إعراب الجر المسند إلى المالك بموجب عملية ضم المالك إلى هذا الموقع،وطبقا لهذه النظرية فإن العناصر تسلسل على يمين الاسم س (اليسار في العربية:احترام الرتبة الخطية).وقد استحضرت لمقاربة إشكاليات هذا الفصل جملة من الدراسات المهمة في الأدبيات التوليدية الحديثه منها فوكي وسبيز(1986-1993)وأبني(1987)وريتر(1991)والفاسي(1993-2002)وشومسكي(1992-1995)وكين(1994)وشنكوي(1994) وسيلوني(1994)ولاسنك(1995)ولنكوباردي(1996-2001)وعقال(1999)والرحالي(1999-2000)وجلبرت(2000)وسوران(2002)وآخرين.
الفصل الثالث من القسم الأخير يهدف إلى تتبع خطوط النظرية الإعرابية داخل الصيغة الحالية من البرنامج الأدنى(شومسكي 1998-1999-2001)، وفي هذه الصيغة تظهر السمات الإعرابية مرتبطة بغيرها من السمات غير المؤولة(سمات التطابق الفارغة)؛بحيث تلعب هذه السمات دورا مهما في إحداث خاصية "الانزياح" التي تعد من خصائص التصميم الأمثل للغة.فإذا كان ميكانزم الإعراب المضمن في السمات الفارغة يلعب هذا الدور الأساسي داخل ملكة اللغة فقد يوازي من الناحية البيو-لسانية بعض الميكانزمات الموجودة في الأجهزة الأخرى من قبيل الميكانزم الموجود داخل عدسة العين المبصرة.لهذا استحسنت أن ألخص بإيجاز بعضا من الخصائص العامة لهذه الملكة انطلاقا من شومسكي(1998-2001)
في مستهل هذا الفصل ألخص بعضا من خصائص العملية "طابق"، ثم أحاول الكشف عن طبيعة العلاقة المتلازمة بين سمات التطابق الفارغة وسمة الإعراب البنيوي.بعد ذلك أتتبع تصميم النحو داخل الأدنوية القوية عند مستوى الجملة،وأبين أن المقولات لم تعد قائمة في هذا المستوى من البحث،وأن ما يسقط في التركيب هو الجذر؛ فالمنظومة(التعداد)لا تتضمن مقولات،والعناوين تحدد برؤوس العناصر المعجمية،ويحدد الضم التالي طبيعة الجذر،كما أنه لا توجد أية قيود على عدد مرات الضم.والعمليات هنا محكومة بـ"اجتذب":إما اجتذب سمة وحدها أو اجتذب المركب المتضمن للسمة(أي العملية "اجتلب") وأن عملية حذف السمة تتم في علاقة رأس-رأس و بعض مقتضيات العلاقة رأس-رأس كالعلاقة مسبر-هدف.
وسوف أخصص فرعا لنظام التطابق الإعرابي والاشتقاق عبر المرحلة، فإذا كانت المراحل القوية في بنية الجملة محددة فقط بالمصدري والفعل الخفيف فسأفترض أن بنية المركب الحدي لا تتوفر إلا على مرحلة المركب الحدي (م.حد) على الأكثر،وأن سمة إعراب الجر البنيوي تسند/تحذف بموجب التطابق في السمة الحدية بين الحد و(م.س) في علاقة حد-س ـــــ هدف (حيث س هو س الصغير) قياسا بسمة الإعراب البنيوي في الفاعل الجملي التي تسند/تحذف في علاقة مص-ز ـــــ هدف،وذلك يتم في حالة إذا لم يكن للزمن أو الحد سمة إسقاط موسع تتيح لهما تقديم موقع للمركب الاسمي الفاعل والمالك تباعا،أما إذا كان كل من الزمن والحد له سمة إسقاط موسع فهذه السمة تتسبب في نقل (م.س) إلى موقع المخصص(ز أو حد)،ويتم حذف السمة الإعرابية في علاقة ز-هدف بالنسبة للفاعل أو حد-هدف بالنسبة للمالك.وسوف أخصص فرعا للكيفية التي يتم بها الضم إلى الجذر واختيار المراحل بموجب الضم التالي.
وسأبين أن المراحل في بنية الجملة محددة بمرحلتين هما مرحلة المصدري م.ص والفعل الخفيف ف الذي يقدم المركب الفعلي،أما في بنية المركب الحدي فالمرحلة الوحيدة هي مرحلة المركب الحدي م.حد في اعتقادي.والمراحل قضوية بمعنى أن المرحلة هي تلك التي تتضمن بنية موضوعية تامة.والمقولات المعجمية غائبة في هذا التصور وما يسقط في التركيب أولا هو الجذر وبموجب الضم التالي يحدد نوع المقولة الجذر.
جميع العمليات سلكية وتتم بأسرع ما يمكن وفي خطوة واحدة ما أمكن.وأستدل في هذا المستوى على أن سمة إعراب الجر تسند/تحذف تحت التطابق في السمة الحدية بين س الموجود في الحد، و م.س.والمالك يسوغ في الحد فقط إذا كان الحد يملك سمة إسقاط موسع(التوسيط بين اللغات يتم بموجب سمة الإسقاط الموسع في الحد وليس بموجب قوة/ضعف الحد).
مستوى س الصغير هو مستوى الإسقاط الوسيط الذي سأدافع عنه مطولا في فصول هذا البحث والذي يلعب دورا مهما في إسناد سمة الجر،كما أنه المستوى الذي يقابل إسقاط الزمن في النظام الجملي.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الباحث: د / حسين علي أحمد الزارعي
الدرجة العلمية: دكتوراه
تاريخ الإقرار: 2003
نوع الدراسة: رسالة جامعية
الملخص :
يعد الإعراب عموما من أهم الظواهر اللغوية التي لا تكاد لغة من اللغات الموصوفة تخلو منه؛فكل لغة تمتلك نظاما إعرابيا لوسم كلمتها.ويعد الإعراب أيضا أساسيا في تنوع التعبير اللغوي وغناه،وفي تنوع جماليات اللغات بالنسبة لدارسي الأدب.ومع هذا الغنى في الإعراب وواسماته وصرفه،والدور الذي يلعبه في تعميق معرفتنا بالنحو واللغة،عبر مراحل الدرس النحوي واللغوي،ورغم تنوع النظريات التي اعتبرته أساس الدرس النحوي،إلا أن وضعه داخل البرنامج الأدنى في صيغتيه الأولى(شومسكي1992-1995)والثانية شومسكي(1998-2001)قد لا يعكس ،مباشرة،ما حظي به الإعراب من أهمية في الدرس النحوي واللغوي.فالإعراب في النظرية الأدنوية يعد نقائص imperfections ولا يتلاءم مع حقيقة أن اللغة "تصميم أمثل"نظرا لأن السمات الإعرابية(إلى جانب السمات التطابقية الفارغة)غيُر قابلة للتأويل،ولذلك فإن الاستغناء عنها(بواسطة الفحص) في المراحل المبكرة من الاشتقاق ضروري لمقاربة اشتقاق التعبير اللغوي.لكن الدور الذي يلعبه الإعراب والسمات الإعرابية مهم في تحريك العمليات الحوسبية،وهذا هو الدور الذي تتضح أهميته أكثر في الصيغة الأدنوية الثانية:ففي هذه الصيغة تظهر السمات الإعرابية مرتبطة بغيرها من السمات غير المؤولة(سمات التطابق الفارغة)؛ بحيث تلعب هذه السمات دورا مهما في إحداث خاصية "الانزياح"displacement التي تعد من خصائص التصميم الأمثل للغة حسب شومسكي(2001) (ويغطي مفهوم"الانزياح"عددا من المفاهيم السابقة مثل "النقل"و"التفكيك"و"الرتبة السطحية"وغيرها من المفاهيم المرتبطة بنظرية النقل عموما).فإذا كان ميكانزم الإعراب المضمن في السمات الفارغة يلعب هذا الدور الأساسي داخل ملكة اللغة،فإنه قد يوازي من الناحية البيو-لسانية بعض الميكانزمات الموجودة في الأجهزة الأخرى من قبيل الميكانزم الموجود داخل عدسة العين المبصرة.
وقد استحضرت مجمل النظريات والفرضيات المتوفرة في الأدبيات التوليدية الحديثة حول الإعراب عموما في مقاربة المشاكل المتعلقة بإعراب الجر وقضاياه التركيبية والدلالية والصرفية.ويعد إعراب الجر من بين الإشكاليات الحديثة التي تتطلب نقاشا واسعا كونه يلعب دورا في التفسير لجملة من القضايا والإشكاليات المطروحة عبر اللغات إلى جانب كونه مظهرا من مظاهر التوسيط بين اللغات.وقد اتخذتُ البرنامج الأدنى بصيغتيه إطارا نظريا عاما،إلى جانب عدد من النظريات والنماذج المعروفة الصرفية والمعجمية والدلالية:من قبيل نظرية انشطار الفتحة للسغروشني ونظرية الصرف الموزع المطبقة في هالي ومارنتيز(1993)والفاسي الفهري(1998)فيما يتعلق بالجانب الصرفي من البحث.وبعض النماذج النظرية المصممة لدمج البنية الموضوعية في المحمولات المركبة المطبقة أساسا في هيل وكيزر (1993)وفي الفاسي الفهري(1997)من بين آخرين،ونظرية النموذج الأصلي الدلالية المطبقة في غاليم(1999)فيما يتعلق بالجانب المعجمي الدلالي من البحث.
وقد انسقت وراء عنوان البحث في الكيفية التي صممت بها تمفصلات البحث فجاء في ثلاثة أقسام(القسم الصرفي،والقسم المعجمي الدلالي،والقسم التركيبي):
القسم الأول خصص للإعراب وقضاياه الصرفية:سواء أكانت قضايا صرفية محضة،أو تلك التي تكون في وجيهة مع الصرف كالقضايا الصرف-صواتية،والصرف-تركيبية.والقسم الثاني كان حول:حروف الجر ومواقع الجر البنيوية،مقاربة معجمية/دلالية وتركيبية.وكان القسم الثالث عبارة عن مقاربات وتحاليل أدنوية لإعراب الجر من الناحية التركيبية.وكل قسم من الأقسام المذكورة يضم ثلاثة فصول ألخصها على النحو التالي:
سأخصص الفصل الأول من القسم الأول لاستجلاء عدد من الإشكاليات العامة المرتبطة بالإعراب منها:مفهوم الإعراب و اختصاص الأسماء به.وكيف تتصرف اللغات في الإعراب وكيف تُحقِّقُه؟وكيف يمكن تصنيف اللغات إعرابيا،ثم ما دور الإعراب في التأويل الدلالي؟ ولم تلجأ اللغات إلى الإعراب؟
وسأقدم أولا بعض المفاهيم السائدة حول الإعراب،وأستدل على أنه خاصية للمقولات الاسمية.وأبين بعد بليك(1994)أن الإعراب مفهوم تركيبي علاقي:إذ هو نظام لوسم الأسماء التابعة بالنظر إلى علاقة الأسماء برؤوسها.وسأعرض لأهم الإعرابات المنتشرة في النظامين:رفع-نصب وأركاتي-مطلق، ولأهم الوظائف النحوية التي يرمزها كل إعراب.وسأقدم تحليلا لواسمات الإعراب التي صنفتها إلى واسمات تحليلية وواسمات تأليفية، وأبين أن تلك الواسمات قد تحتل الموقع القبلي أو البعدي اعتمادا على وسيط اتجاه الرأس(الرأس-أولا أو الرأس-لاحقا):ففي لغات الرأس-أولا(التي يندرج تحتها لغات الرتبة:فعل-فاعل ولغات الرتبة: فاعل-فعل) نجد أن الواسم الإعرابي يسبق فضلته، وفي لغات الرأس-مؤخرا(التي يندرج تحتها لغات الرتبة :مفعول.فاعل.فعل ولغات الرتبة:مف.فعل.فاعل) نجد أن الواسم يلي فضلته.وبالنسبة لتوزيع اللواصق(السوابق واللواحق)الإعرابية فقد لاحظت أن اللواصق تخضع لوسيط اتجاه الرأس ولكن بصورته المعكوسة:بجيث نجد اللاصقة الإعرابية تأتي كلاحقة محققة على آخر الكلمة في لغات الرأس-أولا، لكنها لا تستجيب لهذا الوسيط في لغات الرأس-لاحقا؛ بحيث نجد اللواصق الإعرابية تسم آخر الكلمة، وكان المنتظر أنها تسم أول الكلمة ، والتفسير لذلك يأتي من الناحية الصرف-صواتية:وهو أن الجزء الأولي للكلمة غالبا ما يكون صامتيا والجذوع تفصل الموقع الأولي الصامتي بحيث يوجِب هذا الفصل تقديم الجذوع على اللواصق.وسأخصص جزءا من هذا الفصل للتصنيف الإعرابي للغات في كل من التصنيف المحلي الكلاسيكي والتصنيف الحديث للإعراب، فهذا الأخير يصنف اللغات إعرابيا إلى لغات:رفع-نصب ولغات:أركاتي-مطلق، وسأحاول تقديم جملة من الخصائص التي تميز كل نمط.وكذا خصائص إعراب الجر وكيف يتحقق في كل من لغات النمط رفع-نصب وأركاتي-مطلق.وأختم هذا الفصل بنقاش حول دور الإعراب في التأويل الدلالي،وضرورة لجوء اللغات للإعراب،وأؤكد في هذا السياق أن الإعراب محايد من الناحية الدلالية بالرغم أن اللغات قد تلجأ إليه لتمييز الأدوار التركيبية المرتبطة بالمعاني الدلالي التحتية. وسأعتمد في مقاربة هذه الإشكاليات المذكورة عددا من الأعمال الحديثة التي اهتمت بالإعراب وطرق الوسم الإعرابي منها أندرسون (1971) وشومسكي (1981)والفاسي الفهري(1990) وبليك(1994) ودكسون(1994) وبيتر ومودي(1997)وكوري(2000) ولنكوباردي(2001) وسوران(2002)،وكذا بعض مراجع النحو العربي القديم.
في الفصل الثاني من القسم الأول أناقش مشكل التحقيق الصرافي لإعراب الجر، وأدافع عن أن مورفيم الكسرة[ـِ] هو التحقيق الصرفي الأساسي في كل الأشكال التي تتلقى الجر في العربية:المثنى والمذكر السالم والأسماء الخمسة.وأن الواو أو الألف في المثنى والمذكر السالم والأسماء الخمسة ليست حروف إعراب وإنما هي لواحق للعدد،تفرض الكسرةُ[ـِ] عليها ضغوطا صواتية وتحولها إلى [ي] بموجب قاعدة:و-ي،وقاعدة مماثلة.متبنيا في ذلك بعض التوجيهات المؤسسة على نظرية انشطار الفتحة وبعض التوجيهات والنقاشات المتكررة مع الأستاذ السغروشني والأستاذ التورابي في مناسبات مختلفة.
وسوف أدافع عن فرضية وجود مستويين صرفيين:الأول قبل معجمي،تبنى فيه سمات اللواصق الصرفية من قبيل سمة العدد وغيرها،باستثناء السمة الإعرابية فإنها تبنى في مستوى صرفي متأخر، وهو عبارة عن مكون صرفي مستقل، متبعا في ذلك فرضيات الصرف الموزع المقترحة في هالي ومرنتز(1993) والمتبناة في الفاسي الفهري(1998).والسبب في فصل صرفية الإعراب عن بقية الصرفيات يعود إلى أن سمة الإعراب سمة ناتجة عن عملية الضم بين الرأس المسند لها والفضلة المحققة عليها(علاقة عمل إعرابي)، وهذه العملية متأخرة عن عملية بناء الصرفيات التي لا تعد نتاجا لتفاعل تركيبي وإنما تخضع لعمليات بناء الكلمة.وفي المستوى الأخير تدمج صرفية الجر[ـِ] ويتم التأليف بينها وبين لاحقة العدد[و]،لأن هذا المستوى هو المحدد لإدماج صرفيات جديدة كما أنه المختص بدمج السمات الصواتية في التركيب بحيث يهيئ للانتقال من (ب.س) إلى (ص.ص)،وفي هذه الأخيرة يتم التحقيق الصواتي لصرفية الإعراب ولاصقة العدد وغيرها في آن واحد.
وسأخصص جزءا من هذا الفصل لمشكل الممنوع من الصرف المحدد بثلاثة مظاهر:غياب التنوين،وتحوُّل صرفية الجر من [ـِ]إلى[ـَ]،وعودة الجر[ـِ] مع الإضافة والاسم المعرف في حين يبقى التنوين غائبا.وسوف أبين أن المنع من الصرف نتيجة لتفاعل قوالب صواتية وصرفية ودلالية وتركيبية.فعلى سبيل المثال:بعض السمات المانعة من الصرف من قبيل[+عجمة] تبنى في المكون الصواتي،وتبنى السمات من قبيل[+صيغة أفعل] في المكون الصرفي،في حين تبنى بعض السمات من قبيل السمة[+علمية] في المكون الدلالي،وسأفترض أن جميع المكونات الثلاثة المذكورة موجودة في مستوى قبل معجمي.وتبنى السمات الدالة على الإعراب أو التنوين تركيبيا في مكون صرفي مستقل.ويلزم عن ما افترضته أن المنع من الصرف غير محدد في المستوى المعجمي للكلمة حتى تصل إلى التركيب ومن ثم نتبين ما إذا كانت المفردة مصروفة أم لا.فكلمة من قبيل مفردة أحمد ،مثلا،لا يدخلها التنوين أو الإعراب إلا بعد أن تلج في المجال التركيبي الذي يضيف لها سمات صرفية جديدة كالتنوين والإعراب.
وسوف أبين أيضا أن المنع من الصرف مرتبط بمفهوم التمكن وعدم التمكن في الاسمية.ويعد المنع من الصرف في هذا التصور نتيجة لتراكم القيم الموجبة(ظهور أكثر من وسم على الكلمة) الذي يأتي من حقيقة كون صرف الأسماء العربية صرفٌ لاسلسلي.وسوف أستدل على أن التعريف وكذا الإضافة لهما خصائص اسمية قوية،وبالتالي فإنهما يلعبان دورا أساسيا في تأسيم الاسم الممنوع من الصرف ورده إلى تمكنه،الشيء الذي يسمح بعودة مورفيم الجر.كما أبين أن غياب التنوين مرتبط ،إلى جانب مبدأ تراكم القيم، بمبدأ التصادم في القيم الدلالية الذي يمنع توارد أداة التنكير(التنوين) مع الاسم المعرف أو المضاف(التعريف).
من ناحية أخرى سأبين أن قيد الجذع الأقصى غير كاف للتفسير للمنع من الصرف،نظرا لأنه لا يفسر إلا لحالات قليلة مما هو ممنوع الصرف محددةٍ فيما يسمى(عند النحاة التقليديين) بالمنع لعلة واحدة.
أما الفصل الثالث من القسم الأول فسيكون حول اسمية الإعرابِ ومستويات الترميزِ الإعرابي ؛ففي هذا الفصل أدافع عن كون الإعراب خاصيةً للمقولات التي تخصِّص سماتٍ اسميةً[+س]؛بمعنى أن الإعراب لا يسنَد إلا إلى الأسماء أو المقولات التي تضم إلى جانب سماتها الأصلية سماتٍ اسميةً كالصفة واسم الحدث والوصف المشتق وبعض الظروف وغيرها.فهذه الأشكال في اعتقادي إنما تتلقى الإعراب نتيجة لكونها تخصص بعض السمات الاسمية التي تمكنها من تلقي الإعراب متبنيا وموسعا فرضيات ستول(1981)في هذا الصدد.وهذه الملاحظة ربما تساعد في فهم الطبيعة المقولية لكل من اسم الحدث والمشتق والظرف،فكل من هذه المقولات الأخيرة تتميز بقدرتها على ترميز سمة إعراب الجر، وبأن كلا منها يمكن أن يرأس بنية جر مستقلة.واستجلاءُ الطبيعة المقولية لتلك المقولات سوف يمكن من تتبع سلوك الجر في كل تلك الأشكال المقولية ،ومعرفة الكيفية التي يسنَد بها الإعراب.وقد لاحظت مطولا أن العديد من الإشكاليات التي ستواجهني لاحقا مرتبطة بالطبيعة المقولية لكل من اسم الحدث والمشتق والظرف وغيرها،وما لم يتم الانطلاق من تصور واضح حول هذه الأشكال المقولية-على الأقل من وجهة نظر هذا البحث-فسيبقى التفسير لسلوك الجر فيها أمرا معقدا.وأبسط مثال لذلك التعقيد المرهونِ بالطبيعة المقولية اسمُ الحدث؛ بحيث يصعب معرفة الكيفية التي سيتم بها إسنادُ الجر في حال ما إذا كانت المقولة التي تسقطُ أولا هي الاسم مضموماً إليها مفعولُ اسم الحدث، خصوصا،أنني أساير إطاراً نظرياً لا تنسجم معه فكرة التحول المقولي بمفهومها التقليدي،إلى غير ذلك من الإشكاليات الإعرابية المتعالقة مع الطبيعة المقولية للمقولات النحوية.وسأستدل أيضا بعد الفاسي الفهري(1990)على أن النظرية التقليدية للمقولات النحوية كما هي في شومسكي(1970) ،والمتبناة في عدد واسع من التحاليل، غير كافية للتفسير لعدد من الإشكاليات الحديثة،نظرا لأنها لا تكفي لوصف المقولات المزدوجة كاسم الحدث والمشتق والظرف.وأستدل أيضا على أن المقولات البسيطة مبدئيا مخصصة فقط بالقيم الموجبة، على اعتبار أن كل مقولة تمتلك خصائص مستقلة بما في ذلك الحرف الذي أعده[+ح] وليس [-ف-س] نظرا لأن وجود مقولة بدون تخصيص سمي يفقدها خصائصها التركيبية والمعجمية والدلالية في اعتقادي.وتخضع المقولات المركبة لمبدأ إعرابي ينص على أن كل مقولة مركبة تتألف من مقولتين بسيطتين:الأولى تسنِد الإعراب والأخرى مقولة اسمية بموجبها تتلقى الإعراب متبنيا في ذلك نظرية ستويل(1981) عن المقولات.ويتنبأ هذا المبدأ بعدم إمكانية ورود مقولات تضم سمات "فعلية"(ف)وحرفية(ح)في نفس الوقت،أو مقولات تضم سمات لمقولتين غير مسنِدتين للإعراب(س)و(ص)مثلا في نفس الوقت.وسأفترض أن المقولة التي تسقطُ في التركيب أولا هي المقولة القاعدية التي لها خاصية إسناد الإعراب،وبموجب عملية ضم م.س الفضلة إليها يتم إشباع سمات المقولة القاعدية كإعراب النصب مثلا،وعند الانتهاء من إشباع جميع السمات القاعدية تكون سمات الواجهة الاسمية من المقولة المزدوجة في واجهة الفحص، وبموجبها تنتقل المقولة السينية(س0) إلى رأس الإسقاط الوسيط الذي هو عادة إسقاطٌ لإعراب الجر يقابل الزمن في بنية الجملة (بالكيفية التي سأدافع عنها في القسم الثالث)، وبمجرد الانتقال إليه تتحول المقولة إلى اسم تلقائيا(التحول المقولي التلقائي) دون اللجوء إلى لاصقة للتحول المقولي.وسأقدم على ذلك حجة من مبدأ مقاومة الإعراب.وسوف أخصص جزءا من هذا الفصل للبحث في مشكل المستوى الذي يرمز فيه الإعراب؛هل يأتي الإعراب مدمجا في المفردة من المعجم، أم أنه يرمّزُ في التعداد، أم في مستوىً آخر بعد التعداد.وفي هذا السياق أستحضر بعض ما جاء حول الترميز الإعرابي وفرضية الدمج في كل من بيكر(1988)وتنكا(1993)وشومسكي(1995).وسأستدل على أن الإعراب يرمَّز في المسند الإعرابي(العامل) بموجب عملية ضم Merge لـ م.س إليه،وأن الإعراب قبل هذا المستوى غير محدد.وسأقوم في نهاية هذا الفصل بتحديد بعض مفاهيم الأنماط الإعرابية التي سأتعامل معها كالإعراب الملازم والإعراب البنيوي،مستحضرا في تحديد هذه المفاهيم ما جاء في شومسكي(19981-1995)والفاسي الفهري(1990-1993)وبتنر وهيل(1996)وآخرين.
القسم الثاني من البحث وهو القسم المخصص لحروف الجر ومواقع الجر البنيوية، وهو قسم تهتم فصوله بالقضايا المعجمية الدلالية والتركيبية لحروف الجر.وإشكالية الفصل الأول منه تنشأ من ملاحظة السلوك المتباين لحروف الجر في إسنادها للإعراب؛بحيث قد تسند الإعراب الملازم المعجمي أو الإعراب البنيوي بناء على نوع البنية التي تضم حرف جر.
والافتراض الذي سأدافع عنه وأستدل عليه يتلخص في أن حروف الجر التي ترد ضمن متوالية ف-ح-م.س تسند الإعراب المعجمي الملازم،في حين أن تلك التي ترد في سياق المتوالية س-ح-م.س تسند الإعراب البنيوي من خلال رأس وظيفي يدمج فيه حرف الجر لاحقا.وسأصطلح على حروف الجر التي ترد ضمن المتوالية الأولى بحروف التعدية،وعلى حروف الجر التي ترد ضمن المتوالية الثانية بحروف الإضافة بناء على جملة من الخصائص التركيبية والدلالية التي تخول التمييز بين حروف الجر بهذه الطريقة.وسوف أخصص جزءا لمشكل التعالق الإعرابي بين النصب والجر وانعكاسات هذا التعالق على البنية المحورية(الموضوعية).مستلهما ما جاء في الفاسي الفهري(1986)والفاسي(1997)وجحفة (1999)وجحفة(2000)في هذا الصدد،معززا بعدد واسع من الدراسات النحوية القديمة.
وسأستدل على ضرورة التمييز بين حروف الجر بالكيفية المبينة أعلاه،وأقدم جملة من الخصائص التركيبية والدلالية لحروف التعدية وحروف الإضافة.وأتتبع سلوك حروف الجر ومعجمتها في الفعل،وأناقش مشكل التخصيص المعجمي لهذه الحروف،وأستدل على أن حرف الجر غير مخصص في المعجم بدلالة محددة،وإنما يكتسب تخصيصه من سياقه التركيبي،ثم أناقش حروف الجر في سياق طبقة الأفعال ركب و نزل،وصعد… التي تشترك في كونها تتعدى إلى "المكان"وتنتقي-اختياريا-حرف جر(تتعدى بالحرف أو بدونه).وسأفترض وسيطا للحرف الفارغ يوحد بين البنى التي تحقق الحرف وتلك التي لا تحققه وذلك باستعمال بعض فرضيات دمج البنية الموضوعية متبنيا فرضيات هيل وكيزر(1993)والفاسي(1997)حول فكرة الدمج للمحمولات المركبة.ثم أستدل على أن حروف التعدية تسند الإعراب الملازم نظرا لأنها تسنده داخل بنية الفعل المعجمية،بخلاف حروف الإضافة التي يلجأ فيها الحرف للصعود إلى إسقاط وظيفي أعلى لإسناد إعرابه.بعد ذلك أتتبع سلوك حروف الجر وإعراب الجر داخل بنى المحمولات المركبة ضمن طبقة أخرى تتمثل في أفعال الحلول والوضع المجرد وما يتصل بهذه البنى من مواضيع تلعب دورا مهما في التفسير لسلوك هذه الحروف.وسوف أخصص فرعا لتتبع سلوك حروف الجر في كل من بنى "الممنوح" وبنى "المفعولين"،والتفسير لإعراب الجر داخلها،مستلهما في ذلك عددا من المقاربات المنجزة حول تركيب المعجم التي تساعد كثيرا في التفسير لسلوك إعراب الجر داخل هذه البنى،ومن بينها هيل وكيزر(1993-1994)وبوت(1994)وألسينا(1994)وويليامز(1994)والفاسي الفهري(1997-1998).
الفصل الثاني من القسم الثاني يهتم بحروف الجر عموما؛بحيث يمكن تصنيفها إلى:حروف تعدية وحروف إضافة،كما أن حروف الإضافة يمكن إرجاعها إلى قسمين:الأول يمثل فيه الحرف رأساً معجمياً له موضوعان يحتلان موقعي المخصص والفضله،وتعد البنية بأكملها إسقاطا للصرفة التي تسند الإعراب الخارجي لفاعل الحرف.والقسم الثاني يمثل فيه الحرف رأسا وظيفيا، وتعد البنية التي يتوسطها هذا الحرف بنية إضافية يعلوها إسقاط حدي.وكلا النمطين من الحروف يلعب دورا –في تسويغ العلاقة بين العناصر التي يتوسطها- دلالياً ومن ثم تركيبياً:التسويغ الدلالي يتمثل في كون الحرف وانطلاقا من دلالته الخاصة يتفاعل مع العناصر التي يتوسطها لتقديم معنى عام هو "البعضية" في الأولى و"الملكية" في الثانية،وكلا النمطين من حروف الإضافة يعكسان دلالة فضائية ساكنة بخلاف حروف التعدية التي تعكس دلالة فضائية متحركة.والتسويغ التركيبي يتمثل في أن الحرف وانطلاقا من الملكية أو البعضية يرأس إسقاطا وجائهياً؛بمعنى أنه يربط بين الإسقاط المعجمي والإسقاطات الوظيفية،وبناء على هذه الخاصية فإن حروف الإضافة عموما تسوغ الدور التركيبي(الإعرابي)انطلاقا من خصائصها الوظيفية،وتسوغ الدور الدلالي انطلاقا من خصائصها المعجمية الدلالية.وسوف أؤكد أن حروف الإضافة عموما تسند الإعراب البنيوي عن طريق الصعود إلى الإسقاط الحرفي المعبر عنه "بالبعضية" مع الحروف التي لها بنية مركب حرفي،أو المعبر عنه بالملكية مع الحروف التي لها بنية مركب إضافي.
من جهة أخرى أبين أن موضوع الجر المرؤوس بالحرف التبعيضي يحتل موقع الفضلة،بينما يحتل موضوع الجر الملكي موقع المخصص،وأستدل على أن كلا الموضوعين يتلقيان الإعراب بكيفية موحدة(في علاقة مخصص-رأس) عندما ينتقل كل منهما إلى مخصص البعضية أو الملكية تباعا.ًولتسويغ النقول في بنية المركب الحرفي التبعيضي نلجأ إلى مبدأ تكافؤ الأبعاد وقيد السلسلة المقترحين في شومسكي(1995).
على هذا النحو أستدل على أن المركب الحرفي التبعيضي له بنية موازية لبنية الجملة ذات الرتبة:فاعل>فعل،وتعد كل منهما إسقاطا للصرفة التي تعمل في فاعل المركب الحرفي تبعا لافتراض الفاسي(1987).وبالتالي فإن فضلة الحرف ينبغي أن تتلقى الإعراب بنفس الكيفية التي تتلقى بها فضلة الفعل الإعراب عبر إسقاط وظيفي يخول لها النقل من موقع الفضلة إلى موقع المخصص.ولمقاربة هذا الفصل من الناحية الدلالية والتركيبية استحضرت جملة من الدراسات أذكر منها الفاسي(1987)وشومسكي(1995)وهرنستين(1995)وغاليم(1999)وجحفة(1999-2000)وآخرين،وجملة من الدراسات النحوية القديمة.
وسأخصص الفصل الثالث من هذا القسم للإضافة الملكية وأنماطها،وتتبع سلوك حروف الإضافة والدور الذي تلعبه في بنى الإضافة الملكية.وسأستدل على أن الإضافة الملكية موسطة بحرف جر ظاهر أو مقدر،يسوِّغ العلاقة الدلالية من ناحية بين المضاف والمضاف إليه،ويسند الإعراب من ناحية أخرى.وقبل ذلك أقترح سلمية للمواقع التي يظهر فيها الجر في بنى الإضافة الملكية،مستدلا على أن المالك يشغل الموقع الأعلى في السلمية تأسيسا على افتراضات الفاسي الفهري(1986)ولنكوباردي(2001).
وسوف أخصص جزءا لوصف أنماط الملكية عبر بعض اللغات المتاحة.وسأقترح سلمية للمواقع التركيبية التي يظهر فيها الجر في الإضافة الملكية (التي تحقق الحرف أو التي لا تحققه)وذلك بالمقارنة مع مواقع الجر الشجرية.وأستدل على أن موقع المالك يجب أن يحقق تركيبيا في اللغة العربية،وقد يحقق بضمير فارغ صواتيا مع طبقة محدودة من أسماء الأحداث كما في الأنجليزية.وما لم يحقق موقع المالك بأي كيفية فإن جملةً من المبادئ من بينها مبادئ الربط والتحكم المكوني،وقيد الفاعلية، ستكون مخروقة مما يؤدي إلى لحن البنية.كما أستدل على أنه يمكن التوحيد بين بنى الإضافة التي تحقق الحرف(الحرة) وتلك التي لا تحققه من خلال افتراض ضمير فارغ (ضم) يقدر في موقع المالك لكي نحصل على متوالية:س+مالك+(م.و) في كلا النمطين من الإضافة.وسأقترح مقاربة شجرية للتوسيط بين الحرف المحقق (الإضافة الحرة)وبنى الحرف غير المحقق(الإضافة التأليفية)،بحيث يلتقي النمطان الإضافيان في إسقاط الملكية المرؤوس بالحرف(المحقق في النمط الأول والفارغ في الثاني)،وهذا الحرف يعمل على تسويغ موضوع الجر في مخصصه ،ومن ثم فحص الجر البنيوي في علاقة مخصص-رأس.
بعد ذلك أستدل على أن العلاقة بين المضاف والمضاف إليه ليست مباشرة ولا شفافة، وإنما هي موسطة بحرف جر يقع في مستوى التماس بين الإسقاط المعجمي والإسقاط الوظيفي، ويلزم عن الخاصية الوجيهيية للحرف قدرتُه على إسناد الإعراب بموجب خصائصه التركيبية،وتسويغ العلاقة بين المضاف والمضاف إليه بموجب خصائصه المعجمية.وقد استلهمت لمقاربة مشاكل هذا الفصل عددا من الدراسات القيمة منها دراسة الفاسي الفهري(1986)التي يهمنا منها هنا ما جاء حول السلمية الإعرابية والسلمية المحورية،ودراسة عقال(1996) ويهمنا منها هنا ما تركز على اسم الحدث والقراءات الممكنة له(اسم حدث،اسم نتيجة،اسم محض)، ودراسة غاليم(1999) حول نظرية النموذج الأصلي،ودراسة لنكوباردي(2001)لإعراب الجر التي اعتمدت عليها بشكل أساسي في هذا الفصل.
ينشغل القسم الثالث بأكمله بالقضايا النظرية والتقنية لإعراب الجر في ضوء الصيغ والمقاربات المختلفة للبرنامج الأدنى.وينشغل الفصل الأول بإسقاطات ومجالات فحص إعراب الجر.وسأناقش من خلاله جملة من الإشكاليات المرتبطة بمسندات الجر الوظيفية ومجال فحصه في بنية الإضافة الملكية.وهذه الإشكاليات في الحقيقة نشأت عن عدم وضوح المسنِد الحقيقي لإعراب الجر في الأدبيات القديمة والحديثة؛ فبالنسبة للنحاة فقد اختلفوا في مسنِد الإعراب في الإضافة؛ فمنهم من زعم أن "المضاف" هو المسنِد لإعراب الجر، ومنهم من زعم أن المسنِد هو "معنى الإضافة"، وهناك طرح ثالث أكثر شيوعا يتمثل في أن المسند هو عبارة عن "حرف جر مقدر".
وبالنسبة للطروحات الحديثة فهناك أيضا نوع من عدم الوضوح ؛ فشومسكي (1981-1986أ) يفترض أن مسنِد إعراب الجر هو الاسم س رأسُ بنية الإضافة . ودافع عدد من باحثي الساميات(ريتر(1991) وسيلوني(1994) وبورر(1994) ولنكباردي(1994-1996))عن وجود إسقاط للتطابق يقوم بوظيفة إسناد الجر.وقد دافع الفاسي الفهري(1993-1998)عن فرضية الحرف الفارغ المعبَّر عنه بإسقاط الملكية في حين أن فحص سمة الجر منجز عبر الحد(الفاسي (1998)وعقال (1999)).
وهناك من دافع عن كون الإعراب عبارة عن رأس وظيفي مستقل يعمل كرابط للمركب الحدي كما هو الحال عند بيتنروهيل(1996).وسوف أحاول أن أعرض لمجمل هذه الطروحات،وكيف افتُرض أن جميع العناصر الوظيفية في بنية المركب الحدي الإضافي قادرة على تسويغ موضوع الجر وإشباع مطالبه الإعرابية.
في مستهل هذا الفصل أبين أن النظرية الإعرابية المرتبطة بإعراب الجر غير واضحة بدليل أن جمبع رؤوس المركب الحدي الإضافي -بداية بالرأس المعجمي الاسم وانتهاء بالحد-قد افترض لها أنها قادرة على إسناد الإعراب.بعد ذلك أستدل على أن الحجج المقدمة عن ضرورة إسقاط للتطابق غير كافية للاعتقاد بأنه مجال مناسب لإشباع مطالب الجر (لا التطابق كمورفيم مدمج في الحد ولا التطابق كإسقاط مستقل).كما أستدل على أن الحد هو موقع لعناصر محيلة، والإعراب مستثنى من تلك العناصر.ثم أخصص فرعا للحد وطبيعته، وأبين أن الحد عبارة عن مقولة وظيفية غير مخصصة بـ[+/-تعريف] منذ البداية،وأستدل على أن الحد ليس موقعا إعرابيا وإنما هو موقع يختص بالعناصر المحيلة من قبيل الأداة وبعض الأسوار والإشاريات وغيرها، وأن الإعراب مستثنى من هذه العناصر نظرا لأن الإعراب مستقل عن التأويل الدلالي.وأستدل أيضا على أن الإعراب مستقل عن الحد؛بمعنى أن الإعراب ليس معبرا عنه بواسطة الحد أو بواسطة مورفيمات مدمجة في الحد،وإنما هو إسقاط مستقل عن الحد،وأبرهن على أن حجة التوزيع التكاملي بين الحد والإعراب المقدمة في الأدبيات غير كافية للاعتقاد بأن الحد والإعراب معبر عنهما بقطعة واحدة.
بعد ذلك أدافع عن أن إسقاط الملكية هو الإسقاط المناسب لإشباع مطالب الجر وتسويغ موضوعه تجريبيا ونظريا،وأبين أن جل اللسانيين يؤيدون فكرة وجود إسقاط وسيط يختص بإشباع المطالب الإعرابية.وسأفترض أن إعراب الجر نتيجة مباشرة لغياب الزمن تبعا لعقال(1999) وبالتالي فإنه من الممكن أن يكون هذا الإسقاط الوسيط مرؤوسا بسمة[-زمن]،إذ لو كان الزمن حاضرا ولو في صورته الضعيفة لتلقى المالك الرفع لا الجر.ولمقاربة إشكاليات هذا الفصل استحضرت عددا واسعا من الأدبيات الأساسية في هذا السياق منها أبني(1987)و(الفاسي الفهري(1987)وصبولشي(1989)وريتر(1991)وسيلوني(1994)وبورر(1994/1996)ولنكوباردي (1996)وعقال(1999)والرحالي(1999-2000)وجلبرت(2000)وغيرها.
وينشغل الفصل الثاني من هذا القسم باشتقاق بنية الإضافة وتسويغ موضوع الجر في الأدنوية المحلية،ويركز على القضايا النظرية والتقنية التي بواسطتها نتمكن من اشتقاق بنى الإضافة الملكية وتسويغ موضوع الجر داخلها،وذلك من خلال ثلاث نظريات تمثل الصياغة الأساسية داخل البرنامج الأدنى(1992-1995).النظرية الأولى:نظرية النقل وفحص السمة(شومسكي(1992-1995))،والنظرية الثانية:نظرية التركيب اللامتناظر (كين(1994))،والنظرية الثالثة:نظرية البنية المركبية العارية(شومسكي(1994-1995).
ويمكن ضم هذه النظريات تحت مفهوم الأدنوية المحلية المبنية على محلية النقل تمييزا لها عن الأدنوية القوية(شومسكي(1998-2001))محور الفصل الموالي.وسوف أستدل أولا على أن اشتقاق بنية الإضافة الملكية يتطلب ضم الإفتراضين الواردين في الفاسي الفهري(1993)والفاسي(1998)في بنية شجرية واحدة؛وهما فرضية إسقاط الملكية،والافتراض المؤسس على الشطر تباعا.كما أبرهن مرة أخرى على ضرورة الإسقاط الوسيط لتسويغ مركب الجر وإشباع مطالبه.وفي فقرة موالية أستدل على ضرورة نقل س إلى الإسقاط الوسيط المبرر بفحص السمة القوية لهذا الإسقاط، وأن النقل يتم بموجب آخر ملاذ في صيغته المرنة أو المتحررة(النقل لفحص سمات نفسه أو غيره) لا في صيغة الجشع.ثم أستدل بنفس الكيفية على ضرورة نقل س إلى الحد.بعد ذلك أستدل على ضرورة نقل س إلى الحد2.وسأتبنى فكرة تعدد الرؤوس في مقابل تعدد المخصصات.وأستدل على أن التسويغ في هذا المستوى ينبغي أن يكون تركيبيا لا دلاليا.
وسأخصص جزءا من هذا الفصل لاشتقاق الإضافة الحرة وتسويغ موضوع الجر فيها في مخصص الملكية،وأستدل على أنها تمر بنفس مراحل الاشتقاق التي تمر بها بنية الإضافة البنائية.ثم أخصص جزءا للتمييز بين نوعين من الصفات التي تنتظم عادة بنية الإضافة؛وهما الصفة الناعتة للرأس الاسمي،والصفة المحورية أو الناعتة للمالك التي تتلقى إعراب الجر.وأستدل على أن الصفتين تحتلان نفس الموقع كملحق على يسار المركب الاسمي في الإضافة البنائية،لكنهما تنتقلان إلى موقعيين مختلفين؛الأولى تستقر في مخصص التطابق الأعلى من مخصص المالك، والثانية تستقر في مخصص المالك بعد انتقال المالك لكي ترث من هذا الموقع جميع خصائص المالك الإعرابية والتطابقية.وفي حال توارد الصفتين معا كما في الإضافة الحرة فإنني أقترح لمعالجتها نظرية التركيب اللامتناظر، وبناء عليها تولد الصفتان كملحقتين في موقعيين مستقلين؛ الأول ملحق أو مخصص للرأس الاسمي س، والثاني ملحق للمالك ويتم النقل بموجب نظرية الفاسي(1998)حول الصفات التي تسلسل العناصر في صورتها المرآوية ثم تعمل على نقلها إلى يمين الاسم.وسوف أخصص الفقرة الأخيرة لإعادة اشتقاق بنى الإضافة في ضوء مفاهيم نظرية البنية المركبية العارية(شوميكي (1994))،وأستدل على إمكانية الاستغناء عن الحد والاكتفاء بإسقاط الملكية(الإسقاط الوسيط)المعنون بـ س أقصى الذي يرمز إعراب الجر المسند إلى المالك بموجب عملية ضم المالك إلى هذا الموقع،وطبقا لهذه النظرية فإن العناصر تسلسل على يمين الاسم س (اليسار في العربية:احترام الرتبة الخطية).وقد استحضرت لمقاربة إشكاليات هذا الفصل جملة من الدراسات المهمة في الأدبيات التوليدية الحديثه منها فوكي وسبيز(1986-1993)وأبني(1987)وريتر(1991)والفاسي(1993-2002)وشومسكي(1992-1995)وكين(1994)وشنكوي(1994) وسيلوني(1994)ولاسنك(1995)ولنكوباردي(1996-2001)وعقال(1999)والرحالي(1999-2000)وجلبرت(2000)وسوران(2002)وآخرين.
الفصل الثالث من القسم الأخير يهدف إلى تتبع خطوط النظرية الإعرابية داخل الصيغة الحالية من البرنامج الأدنى(شومسكي 1998-1999-2001)، وفي هذه الصيغة تظهر السمات الإعرابية مرتبطة بغيرها من السمات غير المؤولة(سمات التطابق الفارغة)؛بحيث تلعب هذه السمات دورا مهما في إحداث خاصية "الانزياح" التي تعد من خصائص التصميم الأمثل للغة.فإذا كان ميكانزم الإعراب المضمن في السمات الفارغة يلعب هذا الدور الأساسي داخل ملكة اللغة فقد يوازي من الناحية البيو-لسانية بعض الميكانزمات الموجودة في الأجهزة الأخرى من قبيل الميكانزم الموجود داخل عدسة العين المبصرة.لهذا استحسنت أن ألخص بإيجاز بعضا من الخصائص العامة لهذه الملكة انطلاقا من شومسكي(1998-2001)
في مستهل هذا الفصل ألخص بعضا من خصائص العملية "طابق"، ثم أحاول الكشف عن طبيعة العلاقة المتلازمة بين سمات التطابق الفارغة وسمة الإعراب البنيوي.بعد ذلك أتتبع تصميم النحو داخل الأدنوية القوية عند مستوى الجملة،وأبين أن المقولات لم تعد قائمة في هذا المستوى من البحث،وأن ما يسقط في التركيب هو الجذر؛ فالمنظومة(التعداد)لا تتضمن مقولات،والعناوين تحدد برؤوس العناصر المعجمية،ويحدد الضم التالي طبيعة الجذر،كما أنه لا توجد أية قيود على عدد مرات الضم.والعمليات هنا محكومة بـ"اجتذب":إما اجتذب سمة وحدها أو اجتذب المركب المتضمن للسمة(أي العملية "اجتلب") وأن عملية حذف السمة تتم في علاقة رأس-رأس و بعض مقتضيات العلاقة رأس-رأس كالعلاقة مسبر-هدف.
وسوف أخصص فرعا لنظام التطابق الإعرابي والاشتقاق عبر المرحلة، فإذا كانت المراحل القوية في بنية الجملة محددة فقط بالمصدري والفعل الخفيف فسأفترض أن بنية المركب الحدي لا تتوفر إلا على مرحلة المركب الحدي (م.حد) على الأكثر،وأن سمة إعراب الجر البنيوي تسند/تحذف بموجب التطابق في السمة الحدية بين الحد و(م.س) في علاقة حد-س ـــــ هدف (حيث س هو س الصغير) قياسا بسمة الإعراب البنيوي في الفاعل الجملي التي تسند/تحذف في علاقة مص-ز ـــــ هدف،وذلك يتم في حالة إذا لم يكن للزمن أو الحد سمة إسقاط موسع تتيح لهما تقديم موقع للمركب الاسمي الفاعل والمالك تباعا،أما إذا كان كل من الزمن والحد له سمة إسقاط موسع فهذه السمة تتسبب في نقل (م.س) إلى موقع المخصص(ز أو حد)،ويتم حذف السمة الإعرابية في علاقة ز-هدف بالنسبة للفاعل أو حد-هدف بالنسبة للمالك.وسوف أخصص فرعا للكيفية التي يتم بها الضم إلى الجذر واختيار المراحل بموجب الضم التالي.
وسأبين أن المراحل في بنية الجملة محددة بمرحلتين هما مرحلة المصدري م.ص والفعل الخفيف ف الذي يقدم المركب الفعلي،أما في بنية المركب الحدي فالمرحلة الوحيدة هي مرحلة المركب الحدي م.حد في اعتقادي.والمراحل قضوية بمعنى أن المرحلة هي تلك التي تتضمن بنية موضوعية تامة.والمقولات المعجمية غائبة في هذا التصور وما يسقط في التركيب أولا هو الجذر وبموجب الضم التالي يحدد نوع المقولة الجذر.
جميع العمليات سلكية وتتم بأسرع ما يمكن وفي خطوة واحدة ما أمكن.وأستدل في هذا المستوى على أن سمة إعراب الجر تسند/تحذف تحت التطابق في السمة الحدية بين س الموجود في الحد، و م.س.والمالك يسوغ في الحد فقط إذا كان الحد يملك سمة إسقاط موسع(التوسيط بين اللغات يتم بموجب سمة الإسقاط الموسع في الحد وليس بموجب قوة/ضعف الحد).
مستوى س الصغير هو مستوى الإسقاط الوسيط الذي سأدافع عنه مطولا في فصول هذا البحث والذي يلعب دورا مهما في إسناد سمة الجر،كما أنه المستوى الذي يقابل إسقاط الزمن في النظام الجملي.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الجمعة أبريل 18, 2014 6:49 am من طرف viva star
» مناهج النقد الأدبي . مترجم.rar
الخميس أبريل 17, 2014 5:01 pm من طرف viva star
» مصطلحات توليدية
السبت فبراير 08, 2014 2:55 pm من طرف رعاش وليد
» ارجو المساعدة
الجمعة يناير 10, 2014 2:10 am من طرف مريم عبد الرحمان
» مساعدة عاجلة جداااااااااا
الثلاثاء يناير 07, 2014 6:53 am من طرف مريم عبد الرحمان
» كتب في علم الدلالة
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:35 pm من طرف safih
» عرض حول معجم المقاييس لابن فارس
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:15 pm من طرف safih
» المعجم الالكتروني
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:06 pm من طرف safih
» تشغيل الجزيرة الرياضية بالشرينغ
الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 11:29 am من طرف safih