عبد الحكيم سحالية : أستاذ بالمركز الجامعي – الطارف
الملخص: التداولية النشأة والتطور
تهدف المداخلة إلى تقديم تعريف للتداولية، ونشأتها، وتطورها،لغة واصطلاحا ، عند شارل ساندرس بيرس ، الذي يركز على العلامة ، ومدلولاتها ، وعند شارل موريس ، الذي أضاف عنصر التفاعل إلى المنهج البيرسي و اسهامات فيجتنشتاين ، وغرايس ، لننتقل بعد ذلك إلى مرحلة النضج والاكتمال للمنهج التداولي ، من خلال العالم أوستين ، ليختمها العالم سيرل بتقديم منهج إجرائي مكتمل بوضع عناصر تحليل الخطاب ، والنص ، بتطوير نظرية أفعال الكلام لأوستين ، وارتكزت على : الاشاريات ، و الافتراض السابق ،
و استلزام الحوار ، والأفعال الكلامية ، المتكونة من : (الاخباريات ، و التوجيهيات ، و الالتزاميات ،
و التعبيريات ، و الاعلانيات ).
المقالة:
التــداوليـة النشــأة والتـطور
1. لغـة: وردت مادة "دول" في عدة معاجم لغوية من بينها لسان العرب، والقاموس المحيط، وهي آتية من دول يتداول، تداولا، ويقال تداولنا الأمر: أخذناه بالدّول، وقالوا دواليك: أي مداولة على الأمر،
و تداولته الأيدي: أخذته هذه مرة وهذه مرة ، وتداولنا العمل بيننا بمعنى تعاوناه، فعمل هذا مرة وهذا مرة(1)، فمعنى داول هو الأخذ مرة بمرة، وتارة بتارة، والتبادل، "وداول كذا بينهم، جعله متداولا تارة لهؤلاء، وتارة لهؤلاء، ويقال داول الله الأيام بين الناس، أدارها وصرفها"(2)، وجاء في قوله تعالى:
( وتلك الأيام نداولها بين الناس)(3)، فسرها ابن كثير بأن الألم والفرح، تارة عليكم فيكون الأعداء غالبين، وتارة تكون لكم الغلبة، ولكن النصر الأخير سيكون للمؤمنين حيث يقول "أي نديل عليكم الأعداء تارة وإن كانت لكم العاقبة لما لنا في ذلك من الحكمة"(4)، وأكد هذا الفهم السعدي بقوله " ومن الحكم في ذلك من هذه الدار يعطي الله منها المؤمن والكافر، والبر والفاجر، فيداول الله الأيام بين الناس، يوم لهذه الطائفة، ويوم لطائفة أخرى"(5)، ومما وضح من هذه اللفظة أنها تعني التداول والأخذ مرة بمرة.
والتداوليات مصطلح مركب من مورفيمين، الأول، التداول من الفعل تداول، وهي من صيغة تفاعل والتي تحمل معنى المشاركة، والثاني اللاحقة "يات" والتي تشير إلى البعد المنهجي والعلمي، التداولية علم يتصل بالظاهرة اللسانية، ومن هذه الزاوية المعرفية، فهو علم حديث،غير أن البحث فيه قديم، إذ تشير المصادر إلى أن كلمة تداولية يقابلها مصطلح (pragmaticus) اليونانية، التي تعني الغرض العلمي حيث استخدمها فلاسفة اليونان منذ العهود الأولى للدلالة على العلمية (6)، وانتقل هذا الدال إلى اللاتنية بما يقارب شكلا المصطلح اليوناني، فلفظة (pragmaticus) اللاتينية هي امتداد لذلك الاصطلاح العلمي و ترجم مصطلح التداولية إلى العربية بعدة ألفاظ، وذلك نظرا " لتداخل حقولها بحقول أخرى مجاورة لها، فإن لها كثيرا من الترجمات في العربية منها: التبادلية، الاتصالية، والنفعية، والذرائعية"(7)، ولقد اهتم الدارسون بآثار تفاعل اللغة مع الظروف والمقامات في المجتمع، وكيفيات استعمالها داخل النظام الاجتماعي، حيث يحدث التفاعل بين المرسل والمتلقي، فهي إذن تعتني " بالكيفية التي تتحقق بها اللغة عند الاستعمال وعند التخاطب، وتندرج هذه القضايا كلها في إطار تيار من الدراسات والنظريات تسمى عند أهل الاختصاص بـ: التداولية"(Cool.وتعددت تعاريف التداولية فربطت كذلك بالفائدة التي تحدثها فهي تعبر عن نظرية تهتم بالفائدة العلمية لفكرة كمعيار صدقها(9)، وهي تهتم بمقاصد المتكلم والبحث في أغوار معاني الكلام والمتكلم، ومحاولة اكتشاف الأغراض التي يريدها المرسل من خلال رسالته، فقد تتعدى الدلالة المعنى الحرفي إلى المعنى المستتر فهي "فرع من علم اللغة بحث كيفية اكتشاف السامع مقاصد المتكلم، أو دراسة معنى المتكلم، فقول القائل "أنا عطشان تعني: "أحضر لي كوبا من الماء وليس من اللازم أن يكون إخبارا له بأنه عطشان، فالمتكلم كثيرا ما يعني أكثر مما تقوله كلماته"(10). أنشأ غرايس مبادئ عامة تؤسس لمقاصد المخاطبين والمشاركين في عملية التخاطب وهيبمثابة العقد والاتفاق الضمني بين المخاطِب والمخاطَب المشاركين في عملية التخاطب، فكلاهما يسعى إلى جعل شبكة الاتصال دائمة ومتواصلة، وفي سيرورة منتظمة ومترابطة وتنبني هذه المبادئ على أربع حكم أساسية(11) هي:
حكمة الكمّ: تجعل مساهمتك في الحديث إخبارية بالقدر الذي يقتضيه هدف هذا الحديث، لكن لا تجعلها إخبارية أكثر مما هو مطلوب.
حكمة الكيف: أن تقدم مساهمة حقيقية للحديث ولا تجهر بشيء لا يمكنك أن تدعيه دون دليل كاف.
حكمة العلاقة: أن تقدم مساهمة دالة لها معنى في الحديث.
حكمة حكم الكلام: أن يتكلم بوضوح ويتجنب الإبهام وأن تقدم حجتك في شكل منتظم.
فوجب عل كل المشاركين في الكلام احترام هذه المبادئ الأربعة حتى تكون نتيجة الحديث ذات
مقاصد، وذات منفعة، وخادمة لعملية التبليغ، وتكون ذات قوة خطابية تسمح ببناء علاقة متينة
للتواصل بين المرسل والمرسل إليه، فالتداولية تعني بالكيفية التي تستعمل بها اللغة عند الحديث، وتهتم بالسياق الكلامي والموقف، وتعنى بالمتكلمين وطرائق حديثهم، وبكل ما من شأنه أن يزيد عملية الاتصال وضوحا، حيث يعرفها إيلوار بأنها مجال يهتم بمعالجة ثلاثة معطيات توجه عملية التبادل الكلامي وهي:
أ / المتكلمون ب/ السياق ج/ الاستعمالات العادية للكلام(2)
و تعنى التداولية بالاستعمال العادي للغة من خلال العناصر الثلاثة فتهتم بالمتكلم و السامع مشاركا في فعل الكلام والحدث التواصلي، وتهتم بظروف الكلام، ومقام الحال، وكل ما له صلة بالكلام من عوامل خارجية، أو تناسب حال من الأحوال ، أو تنافره للحدث الكلامي وتهتم بالسياقات اللغوية للمتكلمين حسب الواقع اللغوي، فتبحث في الكيفية الخطابية"وتستنتج مقاصد المخاطب، فهي " دراسة اللغة في الاستعمال"(12).
وللسياق دوره البارز والمهم في التداولية فبتغيره يمكن أن يتغير القول والمفهوم ،ويكون بذلك موافقا للسياق الجديد، فلكل سياق قول، وهذه الأقوال متوقفة على العوامل الخاصة بالمتكلمين والعوامل الخارجة عنهم، فالسياق هو "مجموع شروط إنتاج القول، وهي الشروط الخارجية عن القول ذاته، والقول هو وليد قصد معين، يستمد وجوده من شخصية المتكلم ومستمعه أو مستمعيه ويحصل ذلك في الوسط (المكان) واللحظة (الزمان) اللذين يحصل فيهما"(13) ، وتدرس العلاقات التي تنشأ بين اللغة والسياق، والمتكلم والسامع، والظروف الزمنية والمكانية، وتراعي بذلك مقاصد المتكلم وظروفه، وكيفية وصول الكلام إلى السامعين وظروفهم المحيطة بهم، إنها كل متداخل، فهي إذن تهتم "بدراسة العوامل التي تؤثر في اختيار الشخص للغة وتأثير هذا الاختيار في الآخرين"(14)، لأن لكل لفظة دلالة خاصة، فحينما نستعمل لفظة دون أخرى، نحملها دلالة دون غيرها ونعلم أنها قادرة على إيصال مقاصدنا التي نريدها إلى مستمعينا، فالاختيار لم يكن بطريقة اعتباطية، ولكن هناك أسباب تدفعنا للتلفظ بهذه الجملة بصيغتها التي قلناها دون أن نتلفظ بجملة غيرهاوعرفها شارلز موريس وميز بين ثلاثة اختصاصات تعالج اللغة وهي(15): علم التركيب: ويعنى بدراسة العلاقات الشكلية بعضها ببعض علم الدلالـة: ويدرس علاقة العلامات بالأشياء التي تدل عليها أو تحيل إليها،التـداوليـة: وتهتم بدراسة علاقة العلامات بمفسريها،و تدرس كل ما له علاقة باللغة، سواء أكان يعنى بشكل الخطاب من لغة أو إيماء أم بدلائلها أم بالدلالة وعلاقتها بالأشياء والحسيات الخارجية أم بالعلامات والإشارات، واستنتاجات الكلام أم بالفهم الضمني دون الحديث، لتتم عملية التبليغ على أحسن وجه، ويعد أحمد المتوكل أستاذ بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس بمدينة الرباط بالمملكة المغربية، أول من استعمل مصطلح " التداولية " في اللغة العربية(16)، ولأن عملية التبليغ لها عدة فروع وعدة أشكال، فإن صلاح فضل قد عرّف التداولية على أنها "الفرع العلمي من مجموعة العلوم اللغوية وخصائصها خلال إجراءات التواصل بوجه عام"(17)، إنها ميدان من ميادين اللسانيات يدرس كيفية فهم الناس وإنتاجهم لفعل تواصلي أو فعل كلامي في إطار موقف كلامي ملموس ومحدد. وقد عرّف فانديك التداولية، ووصفها بأنها علم، وبأنها تساهم بشكل فعال في التفاعل الاجتماعي،والتواصل حيث يقول" التداولية بوصفها علما ي بتحليل الأفعال اللغوية، ووظائف المنطوقات اللغوية، وسماتها في عملية الاتصال بوجه عام، انطلاقا من كون المنطوقات اللغوية تهدف إلى الإسهام في الاتصال، والتفاعل الاجتماعي"(18) ، ففانديك يعد التداولية ذلك العلم الذي يبحث في المنطوقات الهادفة إلى إقامة تفاعل اجتماعي، ويبحث عن الوسائل الوسائط والكيفية التي تجعل من ملفوظ ما مساهما فاعلا وفعّالا في حل الشفرات المبهمة، وفك الطلاسم، وفتح جسور التواصل بين الباث والمتلقين، ولقد قدم العديد من الباحثين تعريفات كثيرة للتداولية منها "التداولية هي دراسة الأسس التي نستطيع بها أن نعرف لم تكون مجموعة من الجمل الشاذة anomalons تداوليا أو تعد في الكلام المحال،وعلى الرغم من أن إيضاح الشذوذ في هذه الجمل قد يكون سبيلا جيدا للوصول إلى نوع من الأسس التي تقوم عليها التداولية فهو لا يعد تعريفا شاملا لكل مجالاتها"(19) فقد تعرفنا التداولية على الكلام الذي لا يتماشى والاستعمالات اليومية أو الواقعية، وهي التي ندرس من خلالها الأسس المبرزة لكيفية استعمال اللغة داخل المجتمع شاذها وعاديها، فهي تدرس كل أنماط استعمال اللغة ودلالاتها الصريحة والضمنية، المباشرة وغير المباشرة، ليعرفها بعضهم من ناحية وظيفية "هو نوع من التعريف يحاول أن يوضح جوانب التركيب اللغوي بالإحالة إلى أسباب غير لغوية "(20)، لكن هذا التعريف يجعلنا نخلط بين عدة مجالات للدراسة وعدة فروع علمية أخرى كعلم الاجتماع اللغوي وعلم اللغة النفسي، فهذا تعريف قاصر ناقص لا يبرز ولا يبدي كل حقائق التداولية، ولعل هذه الصعوبة القائمة في تحديد تعريف جامع مانع يكمن في تشعبها لعدة حقول ومجالات ، وقد تتشابك وتتقاطع مع علم الدلالة في دراستها للمعنى فهي كما عرفها بعض الباحثين "دراسة كل جوانب المعنى التي تهملها النظريات الدلالية، فإذا اقتصر علم الدلالة على دراسة الأقوال التي تنطبق عليها شروط الصدق، فإن التداولية تعنى بما وراء ذلك مما لا تنطبق عليه هذه الشروط "(21)، فالتداولية تتجاوز علم الدلالة إلى كل العلامات اللغوية وغير اللغوية، وكل الإشارات، وكل ما يعنيه القول، وكل ما يمكن أن يحمله بصدقه ومجازه، فتتجاوز الدلالة الصريحة إلى ما وراء القول للوصول إلى المعنى، بل تتجاوب مع تفاعل السامع والمتكلم وتواطئهما لحدوث عملية الاتصال بكل نجاح، لذلك فقد عرّفها بعضهم على أنها " دراسة جوانب السياق التي تشفر شكليا في تراكيب اللغة وهي عندئذ جزء من مقدرة المستعمل(22)، فالتداولية تبحث في كل ما من شأنه أن يقرب الفهم والتواصل بين المتكلم والسامع، فهي تبحث في السياق وفي كل الظروف الاجتماعية والثقافية والتاريخية والزمنية والمكانية التي يمكن أن تساعد المستمع، وتحرك كفاءته ومقدرته للوصول إلى معاني المتكلم ومقاصده وأغراض كلامه، فالسامع يسعى إلى كسر شفرة المعنى الموجود في ذهن المتكلم وهو في حالة كمون إلى معنى موجود بالقوة، فالتداولية تسعى إلى صناعة معنى يكون متداولا بين المتكلم والسامع، فالكل يتعاون ويتعاضد لإبراز المعنى الكامن في كلام ما من خلال كل السياقات المادية والاجتماعية واللغوية، ونظرا لارتباط التداولية بعدة ميادين ومجالات فإننا نرى أوستين يهتم بالتعامل اللغوي داخل المؤسسة الاجتماعية، ويرى أنها اتجاه تتلاقى فيه على وجه معين ميادين من المعرفة المختلفة، أهمها علم اللغة الخالص والبلاغة والمنطق وفلسفة اللغة، وكذلك علم الاجتماع وغيرها من العلوم (23)،فالتداولية بحسب رأي أوستن حقل شامل لمجموعة من العلوم والمعارف تتظافر كل هذه المعارف لتوصل المعنى، فهدفها هو الاتصال والتبليغ وما كل تلك الحقول إلا وسيلة تنجح العملية الاتصالية التواصلية، ولعل التداولية بهذا المفهوم تنقلننا إلى المفهوم الذي أشار إليه محمد صلاح الدين الشريف والمستوحي من مفهوم بيرس المرتكز على المنطق حيث يقول: " تقوم البراغماتية على تصنيفها داخل نظام عام وله جذوره في مشروع (بيرس) الهادف إلى وضع علامية ودلائلية (سيميوطيقا) تكون نظرية منطقية عامة"(24)، فمفهومها ينطلق من أنها طريقة في التفكير تبحث عن معنى الإشارات والعلامات وكل روابط الاتصال اللغوية وغير اللغوية، مستندة في ذلك على المنطق وإعمال العقل، وربط الدال بالمدلول، فهي تنقل الواقع، وتكون وسيلة من وسائل الاتصال، وهي تهدف إلى إرساء قواعد عامة للفعل وعلاقته بالمحيط والواقع، وربطه بالفكر لهدف التواصل والاتصال والتبليغ، ولعل من بين من انتهج هذا التعريف وتبناه وتأثر به الباحث امبرتوايكو والذي ساهم في إثراء نظريات القراءة والأدب من خلال مفهومه للتداولية البيرسية والمرتكزة على القصد والإبلاغ والاتصال، حيث أنه يؤمن بالنص المفتوح، بالنص الذي يحمل دلالات لا متناهية، فالنص الخالد عند امبرتوايكو هو النص الذي يحقق أكبر نسبة تواصلية في كل زمان ومكان، ويحدث تجاوبا لدى القراء عبر العصور وكل الأمكنة ولن يحدث كل ذلك إلا من خلال استخدام لغة تداولية تسهل الفهم وتقرب مساحة النص من القارئ، ولامبرتوايكو موقف من التأويل القراءات المتعددة "وموقفه نابع من محاولته التوفيقية بين دلائلية (بيرس) والنظرية السيميائية ذات الأصل السويسري ونظريات تحليل الخطاب"(25)، ولقد وجه امبرتو ايكو اهتمامه للقارئ واستجابته مع النص حتى تكون العملية الاتصالية التواصلية ناجحة، وجعل اللغة جانبا من جوانب التحليل، وليست هي الجانب الوحيد، فقد اعتمد على أمور خارجة عن اللغة كالسياق والقارئ والناقل من خلال جوانب متعددة خارجة عن اللغة ذاتها وتجاوز بذلك مقولة دراسة اللغة بذاتها ولأجل ذاتها السويسرية، وجعل الدراسة قابلة لكل ما من شأنه أن يخدم العملية
التواصلية لغوية كانت أم دلائلية ،علامية، ليصبح عنده كل شيء قابلا للتأويل ويكون بذلك الخطاب منفتحا على كل الجوانب، ونظرا لهذا التشعب والتفرع لمفهوم التداولية فقد أدلى الباحث أساكاشير بقوله فيها، وقدم مفهوما لها مرتبطا بقصد التواصل، فهو يدرس الكيفيات المتعددة لاستعمال اللغة المفضية لإنجاح العملية التواصلية فقد عرفها على أنها "وسيلة لتحديد اللغة بطريقة نفهم منها جيدا ما هو أساسي في اللغة"(26)، فمهمة التداولية عنده تبحث في كل الكيفيات المنتجة للقول والملفوظ من خلال المواقف، وحالات التواصل والسياق.
فالمخاطب هو الذي يسعى إلى فك مقاصد المتكلم من خلال أفعاله الكلامية حتى يصل المستمع إلى تواصل تام ، وأما إذا انتقلنا إلى تشالرز موريس فإننا نراه يتحدث عن ثلاث مستويات من الدراسة، تكوّن اللسانيات التداولية، وهي الدراسة التركيبية والدلالية والتداولية وهي دراسة متداخلة تداخلا شديدا حيث يقول " تفترض اللسانيات التداولية مسبقا كلا من الدراسة التريبية والدلالية،لأن المناقشة الحصيفة السديدة لعلاقات الأدلة بمؤوليها تستلزم معرفة علاقات الأدلة بعضها ببعض،كذا علاقة الأدلة بالأشياء التي يحيل عليها المؤلفون"(27)، فتصور موريس للتداولية ينطلق من الأدلة الحاملة لمجموعة التراكيب اللغوية، وعلى المدلولات وهي موجودات الواقع لينتقل إلى المؤولين وكيفيات فهم السامع لخطاب المتكلم،"فقد ميز (موريس) في كتابه أسس نظرية الرموز سنة 1938 بين عناصر ثلاثة تدخل في تحديد الرمزية، الرمز من حيث هو علامة،الرمز من حيث هو دلالة، الرمز من حيث هو محل للتأويل من لذة المستمع.. (28)، وإذا انتقلنا إلى فكر الباحث كارل بوهلر فإننا نجده يحاول أن ينقل البحث من اللسانيات الجامدة إلى اللسانيات الحيوية "إن بوهلر يكافح إذن من أجل لسانيات ديناميكية غير سكونية من لسانيات النشاط اللغوي، حيث تنصرف مهمة اللساني إلى دراسة الاستعمال البشري الخاص للدليل"(29)، فبوهلر يحاول أن ينقل اللسانيات إلى مستوى التبليغ والتواصل، واقترح الصيغة التداولية، فأراد أن يكشف عن أغراض المتكلمين من خلال كيفيات استعمالهم للأدلة والرموز حتى يؤثروا على المرسل إليه، وقد وضع بوهلر أربع وظائف تتزامن والنشاط اللغوي فتدعمه، وتحاول إيصال المرسل بالمرسل إليه، وتحقق العملية الإبلاغية هذه الوظائف هي:(30) وظيفة التمثيل وظيفة التعبير وظيفة النداء والوظيفة المزدوجة: التعبير والنداء، فكل هذه الوظائف تتحدد لتنجح العملية الإبلاغية بإرادة المرسل وقصده ، وإرادة المرسل إليه ومحاولته الوصول إلى فهم مقاصد المتكلم ، فهو ينتقل من الفعل اللغوي إلى نشاط حقيقي، أما الباحث هابر ماز فإنه يقدم تعريفا للتداولية من خلال الكفاءة التواصلية، فكما أن لكل فرد كفاءة لغوية فإنه يملك هذه الكفاءة الاتصالية التي تجعله يتلفظ بكلمات معينة في سياق معين تؤدي دلالة تواصلية، فقد يتلفظ عكس ما يريد ويفهمه السامع، ويتوصل إلى المعاني التي أرادها من خلال كفاءته التواصلية، لأننا نعني أكثر مما نقول، فالكفاءة التواصلية عنده " لها نواه عالمية كذلك كما هو الأمر بالنسبة للكفاءة اللسانية، إذ تصف النظرية العامة للفعل الخطابي النظام الأساسي للقواعد التي يلم بها الفاعلون،والمتكلمون، والتي تسمح لهم باستيفاء الشروط لاستعمال خاص للجمل"(31)، فالمرسل يحتاج إلى شروط التبليغ ليحقق أفعاله الكلامية، وهناك تواطؤ بين الفاعلين وهم المرسل والمتلقي والشروط الاتصالية حتى تتم عملية التبليغ والتواصل بنجاح، ولقد توالت جهود الباحثين في مجال التداولية، وكان من بين المعرفين لها الأستاذ مسعود صحراوي الذي جعلها علما متداخل الجوانب متشعب الأفاق يدرس كل الظواهر اللغوية وسياقها في مجال الاستعمال حيث عرفّها بقوله: " ليست علما لغويا محضا علما يكتفي بوصف وتفسير البنى اللغوية، ويقف عند حدودها وأشكالها، بل هي علم جديد للتواصل الإنساني يدرس الظواهر اللغوية في مجال الاستعمال وتتعرف على القدرات الإنسانية للتواصل اللغوي ومن هنا تكون جديرة بأن تسمى علم الاستعمال اللغوي"(32)،جعلها علما يدرس كل الجوانب المساعدة على التواصل اللغوي فهي لا تقف عند حدود الشكل اللغوي ولا العلامات والإشارات بل تستثمر كل ذلك وتتجاوزه بهدف الوصول إلى التواصل الإنساني فالتداولية عنده علم مقصدية الخطاب، بعد سرد مجموعة التعاريف المتصلة بالتداولية فقد حدد بعض الباحثين مميزات خاصة للتداولية تبرزها عن غيرها من مجالات البحث اللغوي وهي:(33)
- أنها تقوم على دراسة الاستعمال اللغوي، وأنها توظف المعنى اللغوي في الاستعمال الفعلي من حيث صيغة مركبة من السلوك الذي يولد المعنى.
- ليس للتداولية وحدات تحليل خاصة بها ولا موضوعات مترابطة.
- تدرس التداولية اللغة دراسة وظيفية عامة (معرفية اجتماعية وثقافية...).
- التداولية بحر يصب فيه مجالات عديدة من العلوم متصلة باللغة، كعلم الدلالة وعلم اللغة الاجتماعي، وعلم اللغة النفسي، وتحليل الخطاب، وعلم التراكيب والصيغ المتصل بالسياق.
II. نشـأة التداوليـة و تطـورهـا :
لقد اهتم الفلاسفة منذ القديم بقضية الدلالة فالمنطق عندهم مثلا يهدف إلى الإقناع و إلى تقديم الحجج و البراهين التي تثبت الأشياء و تربطها بعضها ببعض ،فهذه الأدلة تسمح بربط الكلمة و مدلولها ،فمثلا يمكننا أن "سنستشف في نظرية العبارة التي دعا إليها لايبنتز المبادئ الأساسية لتصور الدليل .فالعبارة حسب هذا الفيلسوف تمكننا من التحدث عن الأشياء فيما بينها باعتبار حيثيات الكم و النوع و الشدة"(34) ، فالإنسان حسبهم مضطر إلى استخدام نظام من العلامات و الأدلة لتمثيل الواقع و الأشياء التي تحيط به، و ذلك نظرا لتعقيد العالم فهو محتاج إلى اللغة و إلى استعمالها ليعبر عن حاجاته فاللغات هي أحسن مرآة للفكر البشري(35)، الذي تطور في أوروبا فتداخلت حقوله المعرفية
1-الإرهاصات: ا -عند شارل ساندرس بيرس:
يعتبر الفيلسوف و السيميائي تشارلز سندرس بيرس من الأوائل الذين أحدثوا تطورا في المجال اللساني و الفلسفي .حيث "ارتبطت عنده التداولية بالمنطق ثم بالسيموطيقا" "(36) وارتبطت كذلك بميدان المعرفة و المنهج العلمي، فقد ظهرت ملامح التداولية الأولى مع ظهور مقالة "كيف نجعل أفكارنا واضحة "عام 1878و قد تساءل بيرس متى يكون للفكرة معنى ،و درس الدليل و علل إدراكه بواسطة التفاعل الذي يحدث بين الذوات و النشاط السيميائي و قد حاول تطوير التجربة الإنسانية من خلال الأدلة ،و ربطها بالواقع الاجتماعي "إن الواقع المدلول عليه يفترض تجربة إنسانية مبنية لا على ما هو فردي بل على ما هو اجتماعي (37) و قد اختلف مفهوم بيرس للتداولية بتطور مراحل فكره، إذ انطلق أولا بالتساؤل و البحث عن كيفية جعل أفكارنا أكثر وضوحا و انتهى إلى أن تصورنا لموضوع ما يقاس بالنتائج العلمية المترتبة عند بيرس من حيث أنها منهج متصل بالمنهج العلمي،اهتم بيرس بالإشارة اهتماما بالغا، و بحث عن الطرق التي بواسطتها يتم الاتصال بين أفراد، وجعلها نظرية،ليعتبر من خلال ذلك التداولية فرعا من السميائيات، و ذلك فيما كتبه وعبر عنه في تلخيصه لإطارها العام و ذلك،أن اللسانيات المتداولة تفترض كلا من الدراسة التركيبية والدلالية (38).
فالتداولية بهذا المنظور هي نقل للواقع و وسيلة من وسائل المعرفة و الاتصال. و منهج لجميع ميادين المعرفة، و لذلك رأى بيرس أن بالتحديد التداولي تتحدد العلامة اللسانية بحكم استعمالها في تنسيق مع علامات أخرى من طرف أفراد جماعة معينة (39)، فللعلامة اللسانية علاقة بظروف استعمالها و محيطها ب عند تشالز موريس: من مؤسسي و منظري التداولية الباحث تشارلز موريس ، الذي اعتبر التداولية جزءا من السيمائية عند تمييزه لثلاثة فروع لهذه الأخيرة ، و هي علم التراكيب ، و علم الدلالة و التداولية (40) و لقد نبه موريس إلى علاقة العلامة بمستعملها و طريقة توظيفها و أثرها في المتلقين ،و نبه إلى علاقة الرموز بمؤوليها ،و كل هذه الفروع مرتبطة بعضها ارتباطا وثيقا فالتداولية تدرس كيفية تفسير المتلقي للعلامة، و هذا التفسير لا يتم بمعزل عن كل البنى التركيبية و النحوية للغة المستخدمة، لأن النظام اللغوي يتركز على الأشياء و العلامات كذلك بمراجع تخيل إليها في العالم الخارجي ،و فهمها يستوجب الإحالة إلى مراجعها و هذا مبحث دلالي و التداولية تعتمد على علمي التركيب و الدلالة في محاولتها للكشف عن مقاصد المتكلم و لقد نظر موريس إلى الأدلة و بحث كيفيات تأثيرها على المرسل إليه ، نظر إليها نظرة سلوكية .و قال بأنها هي الطاغية على الموقف و هي التي تهيئ المخاطب إلى اتخاذ رد فعل معين فكل قول في وضع معين يؤدي إلى نفس الإجابة ،أو رد الفعل في كل مرة يستوجب دليل ما اتخاذ موقف لدى المتلقي سواء كان هذا الموقف ايجابيا، أم سلبيا إزاء حدث ما أم شيئا ما أم مقاما ما .
و مما سبق نستنتج أن موريس لا يبتعد كثيرا عن تصور بيرس إلا من حيث البعد السلوكي، كان مفهوم موريس محفزا و سببا للنهوض بمجموعة من الدراسات تضمنت دراسة بظواهر النفسية الاجتماعية الموجودة داخل أنظمة العلامات بشكل عام، و داخل اللغة بشكل خاص و دراسة التصورات
ج- عند فينجنشتاين: إن فكر فينجنشتاين متأثر بالفلسفة و المنطق وقد حاول الإسهام في حقل اللغة
و إيجاد لغة مثالية تتطابق و الفكر الفلسفي ،لكنه سرعان ما عدل عن ذلك و اتجه إلى دراسة اللغة العادية"(41)، و تعتمد هذه الفلسفة على ثلاثة مفاهيم أساسية هي:الدلالة، القاعدة ألعاب اللغة (42).
أ. الدلالة: وقد فرق بين الجملة والقول وجعل الجملة أقل اتساعا من القول.
ب. القاعدة: وهي مجموعة المثل الصالحة لعدد كبير من الأحوال والمتكلمين والتي تسمح بتنويع النشاط اللغوي وهي القاعدة النحوية الصحيحة في الترتيب والاستعمال.
ج. الألعاب اللغوية: إنه مفهوم لا ينفصل عن مفهومي القاعدة والدلالة، وهي في نظره شكلا من أشكال الحياة، فقد تنوع النشاط اللغوي وتعددت الطرائق في استخدام الجملة الواحدة كالشكر والتحية فحسب فينجنشتاين اللغة ليست حسابا منطقيا، بل كل لفظة لها معنى معين، ولكل جملة معنى في سياق محدد، فالكلمة والجملة تكسب معناها من خلال استخداماتها، "فالمعنى عنده هو الاستعممال (Meaning is use)"(43)، لقد ساهم هذا الفيلسوف مساهمة فعالة في مجال التداولية، حيث جعل الاستعمال هو الذي يبث الحياة والحركة في اللغة، وجعل التواصل هدفا، و بالرغم من الجهود الفلسفية في مجال للغة، و التداولية على وجه الخصوص، إلا أن البحث فيها لم تتضح و إجراءاتها التحليلية لم ترق إلى العلمية و الموضوعية إلا بمجيء الفيلسوف جون أوستين.
2- مرحلة الاكتمال و النضج:
ا - عند أوستين: تأثرا بمن سبقه كالفيلسوف فنجنشتاين الذي اعتبر اللغةإنماتستخدم لتصف العالم و ما هي إلا أداة رمزية تشير إلى الواقع، و الوقائع الخارجية و قد تصدى أوستين لهذه الأفكار، و نقدها و أنكر أن تكون الوظيفة الأساسية للغة هي الأخبار" لقد أنكر أوستين أن تكون الوظيفة الوحيدة للعبارات الإخبارية هي وصف حال الوقائع وصفا إما يكون صادقا أو كاذبا و أطلق عليه "المغالطة الوصفية" (44) ليميز بين نوعين من العبارات التي تكون أفعال منجزة فالأولى تخبر عن وقائع العالم الخارجي و يمكن الحكم عليها بالصدق أو الكذب و الثانية تنجز بها أفعال فهي لا تحتمل صدقا أو كذبا، من خلال ما سبق يمكن القول إن أوستين وضع نظرية الأفعال الكلامية ، و يمكن تلخيص فكره في نقطتين اثنتين (45).النقطة الأولى تتمثل في رفضه ثنائية الصدق و الكذب،النقطة الثانية تتمثل في إقراره بأن كل قول عبارة عن عمل ،فنظرية أفعال الكلام تؤكد على أن كل ملفوظ يخفي بعدا كلاميا أي الفعل الذي تشكله واقعة الكلام بالذات فنحن لما نستخدم أمرا مثلا، لا نتحدث بجملة تتضمن أمرا فحسب، بل تصدر أمرا و هنا نقوم بفعل ،و قد ميز أوستين في نظريته بين نوعين من الأفعال اللغوية.
1.أفعال إخبارية : تتمثل في جملة الوقائع الخارجية التي يحكم عليها بمعيار الصدق و الكذب "و يلخص أوستين وجود جملة وصفية إثباتيه أو تقريرية يمكن أن تكون كاذبة أو صادقة "(46) فقولنا مثلا أن الأرض تدور حول نفسها ،فهذا يمثل فعلا إخباريا يتأكد صدقه من خلال مطابقته للواقع ،أو كقولنا توفي ملك تونس فهو فعل إخباري كاذب لأنه مخالف لواقع تونس التي لا ملك لها بل لها رئيس .و قد أشار كذلك إلى وجود "جهل ذوات نمط خاص لا يمكن أن يجري عليها هذا المعيار "(47) ،
2. أفعال أدائية (إنشائية): و هي أفعال لا تصف الواقع و يحكم عليها بمعيار ثاني و هي النجاح و التوفيق أو الإخفاق، و يسمي أوستين هذه الأقوال بالأفعال الإنشائية على عكس الزمرة الأولى (48) .
و قد نفى وصفها بالصدق أو الكذب، و أكد على أن هذه الأقوال قد تنجح أو قد تخفق، أو أنها تستجيب لمقتضى الحال أولا (49) ،وصفة التوفيق لن تتحقق إلا بتحقق شروط معينة، و هي نوعان: (50)
ا - الشروط التكوينية : و هي ضرورية لتحقيق الفعل الأدائي و تتمثل في :
1- وجود إجراء عرفي مقبول، أو أثر عرفي مقبول كالزواج و الطلاق .
2 - أن يتضمن الإجراء نطق كلمات محددة من طرف أناس معيين في ظروف معينة ،مثلا في الزواج يشترط التلفظ بكلمات من مثل قول زوجني ابنتك، والرد زوجتك ابنتي على ما كان بيننا من مهر
3-أن يكون الناس مؤهلين لتنفيذ هذا الإجراء مثل الشروط الواجب توفرها في الزوجين كالبلوغ
4 - أن يكون التنفيذ صحيحا، ففي الطلاق مثلا لا يقع إلا بنطق كلمة الطلاق ،و إلا لما كان الطلاق، لأنه لم يؤد أداء صحيحا، فيجب الابتعاد عن استعمال الكلمات الغامضة.
5. أن يكون التنفيذ كاملا، فعقد البيع لا يتم إلا من خلال تأكيد كل من البائع و المشتري على المسألة بذكر الاستعمالات اللغوية المناسبة،
ب- الشروط القياسية: و هي ليست ضرورية مثل الشروط الملائمة لأن الفعل يتم و إن لم يوفر القول، لكن حضور هذه الشروط لازم للحكم على الفعل بالتوفيق أو عدمه و هذه الشروط تتلخص فيما يلي :1. ضرورة كون المشارك في الإجراء صادقا في أفكاره و مشاعره و نواياه، فإذا قلت لشخصك "أهنئك لهذه المناسبة السعيدة" و أنت في قرارة نفسك لا تشعر بذلك ،بل بنقيضه فقد أسأت أداء الفعل
.2. أن يلتزم القائل بما يقول فعلا :فإذا قلت لشخص أرحب بك ثم سلكت سلوكا غير مرحب فقد أسأت أداء الفعل،و لما اتضح لأوستين أن كثيرا من ألفعال الإخبارية تقوم بوظيفة الأفعال الأدائية برغم ما بذله أوستين من جهد في التمييز بين الأفعال الأدائية و الإخبارية، فقد ظل يرجع النظر في هذا التقسيم حتى تتبين له في النهاية أن الحدود بين هذين النوعين من الأفعال لا تزال غير واضحة، فرجع عودا إلى السؤال كيف ننجز أفعالا حين ننطق أقوالا؟(51)، فمثلا قولنا " أنا عطشان " فهي في الحقيقة فعل إخباري، لكنه يؤدي وظيفة الأفعال الأدائية لأنها تؤدي معنى الطلب، أي أحضر لي كوب ماء، و في محاولته للإجابة عن التساؤل المطروح رأى أن الفعل الكلامي مركب من ثلاثة أفعال تعد جوانب مختلفة في فعل كلامي واحد "يحتوي الفعل اللغوي على ثلاثة أفعال، تشكل كيانا واحدا، علما بأن هذه الأفعال الثلاثة يقع حدوثها في وقت و احد" (52)، فهي أفعال لا ينفصل جانب من جوانبها عن الآخر إلا في الدراسة و هي (53):
1 -الفعل اللفظي: وله عدة جوانب:
ا -الفعل الصوتي :و يتمثل في التلفظ، أي إنتاج أصوات أو قرع (BRUIT) و هو ما يتألف من أصوات لغوية مفهومة في تركيب إسنادي صحيح له معنى .
ب - التبليغي : الكلمة لها صورة صوتية و تنتمي إلى لغة محددة و تخضع لقواعد نحوية .
ج . الفعل الخطابي : و هو الذي يجعل لتلك الكلمات دلالات معينة
2- الفعل الإنجازي الغرضي:وهو ما يؤديه الفعل اللفظي من معنى إضافي، و يصطلح عليه الجيلالي دلاش بالفعل الإنشائي (54) و هو الذي يتحقق بقولنا شيئا ما، و يقصد به ما يؤديه الفعل اللفظي من وظيفة في الاستعمال كالوعد والتحذير والأمر والنصح ...الخ(55)، و يتعلق الأمر إذن بتحقيق قصد المتكلم.
3-الفعل التأثيري: أو هو الأثر و رد الفعل الذي يصدر من المتلقي أو السامع، و يقصد به الأثر الذي يحدثه الفعل الإنجازي في السامع"(56)، أو المخاطب سواء أكان ثأتيرا جسديا أم فكريا أم شعوريا ،فهذا ما عرفه أوستين حيث أن المتكلم يحدث في السامع تأثيرا على كل المستويات " هذا هو الفعل التأثيري"(57)، و يعتبر الفعل اللفظي ضروريا لانعقاد الكلام، أما الفعل التأثيري فلا يلزم كل الأفعال لأنه منها و لا تأثير له على المسامع
و لذلك وجه أوستين اهتمامه إلى الفعل الإنجازي الذي يعد جوهر أفعال الكلام بل أصبحت تدعى نظرية الأفعال الإنجازية أو النظرية الإنجازية (58)، و ذلك كله لأن الفعل الإنجازي يرتبط بمقصد المتكلم و على المتلقي بذل جهده للوصول إلى مفهومه، فهو يحاول فك شفرة الكلام داخل الاستعمال، فيقول ما هو موجود بالقوة إلى موجود بالفعل، و بناء على الأفعال الإنجازية، قام أوستين بتصنيف الأفعال الكلامية إلى خمس أصناف"(59)
.أ. الأفعال اللغوية الدالة على الحكم أو أفعال الأحكام: و هي التي تعبر عن حكم يصدر من حكم و قد يكون نهائيا أو مرحليا، و قد تكون نافذة أو غير نافذة و قد تكون تقديرية أو ظنية مثل قدّر،حكم على...
ب. الأفعال اللغوية الدالة على الممارسة أو أفعال القرارات: و التي تعبر عن اتخاذ قرار لصالح أو ضد شخص مثل:عين، نصح ، حذر...
ج. الأفعال اللغوية الدالة على الوعد: أو أفعال التعهد: و هي التي يتعهد فيها المرسل بفعل شيء فيلزم نفسه به مثل:أعد، أتعاقد على ،أقسم...
د. الأفعال اللغوية الدالة على السيرة: أو أفعال السلوك: و هي التي تعمل رد فعل سلوك الآخرين كالاعتذار، و الشكر، و التهنئة، و الرجاء ...
هـ. الأفعال اللغوية الدالة على العرض: أو أفعال الإيضاح: و هي أفعال تستعمل لتوضيح وجهة نظر أو تبين رأي، فتأتي بالحجج و البراهين مثل: الإثبات، و الإنكار، و المطابقة، و الاعتراف الاستفهام و تقوم الأفعال بضبط مكان أقوالنا داخل الحديث أو الحوار (60)
ب/ عند سيرل:
لقد كانت جهود أوستين مركز انطلاق أو نقطة إقلاع لتأسيس نظرية أفعال حيث أكمل الباحث سيرل مساعي و أفكار أوستين حينما حدد مفهوم الفعل الإنجازي الذي غدا مفهوما محوريا في نظرية أفعال الكلام،و أحكم الأسس المنهجية التي تقوم عليها لكن الفضل يرجع لأوستين بالرغم من أنه "لم يستطع أن يحقق ما سعى إليه من وضع نظرية متكاملة للأفعال الكلامية..."(61) و قد كان ما قدمه من أعمال حول الفعل الإنجازي كافيا لأن ينطلق سيرل من هذه الأرضية فتكون هناك مراحل تكميلية للجهود السابقة ، فسيرل "بعد استفادته من دروس أستاذه أوستين اقترح بعض التعديلات و طور نظرية الأفعال اللغوية ..."(62) ،و يمكن أن نلخص جهود سيرل في النقاط الآتية: (63) ، أولا: نص سيرل على أن الفعل الإنجازي هو الوحدة الصغرى للاتصال اللغوي ،و أن للقوة الإنجازية دليلا يسمى "دليل القوة الإنجازية،و يبين أن الفعل الإنجازي الذي يؤديه المتكلم بنطقه لجملة معينة يكون باستعماله لصيغة معينة تدل على دلالة معينة، كالأمر أو النهي أو، التنغيم .
ثانيا: الفعل الكلامي عنده مرتبط بالعرف اللغوي و الاجتماعي، و هو أوسع من أن يقتصر على مراد المتكلم. ثالثا: طوّر سيرل شروط الملائمة و جعلها أربعة، و هي على التوالي:
1. شرط المحتوى القضوي: و هو الذي يقتضي فعل في المستقبل يطلب من المخاطب، كفعل الوعد .
2-الشرط التمهيدي: يتحقق الشرط إذا كان المخاطب قادرا على إنجاز الفعل، والمتكلم على يقين القدرة.
3-شرط الإخلاص: و يتحقق حيث يكون المتكلم مخلصا في أداء افعل فلا يقول غير ما يقصد و لا يزعم أنه قادر على فعل ما لا يستطيع.
4. الشرط الأساسي: و يتحقق من خلال محاولة المتكلم التأثير في السامع للقيام بالفعل و إنجازه حقا.
رابعا : قسم سيرل الأفعال الكلامية إلى :أفعال مباشرة و غير مباشرة (64).
1-الأفعال المباشرة : انطلق سيرل من مبدأ فلاسفة اللغة العادية القائل بأن القول هو العمل "(65) لأن القول باعتباره شكلا من السلوك الاجتماعي، و هذا يعني إنجاز أربعة أفعال في الوقت نفسه و هي فعل القول ،فعل الإسناد، فعل الإنشاء، فعل التأثير ، فأما فعل القول فهو الذي يتمثل في التلفظ بكلمات و جمل ذات بنى تركيبية و صرفية و نحوية أما فعل الإسناد، فهو الذي يقوم بربط صلة بين المرسل و المرسل إليه، وأما فعل الإنشاء و هو القصد المعبر عنه في القول الذي قد يكون تحذيرا، أو تهديدا، أو وعدا، أو وعيدا، أو أمرا،و أما الفعل التأثيري فيكمن في محاولة المتكلم التأثير على السامع و لكن دون أن تنسى دور المستمع الذي يريد الوصول إلى مقاصد المتكلم باعتماده على جميع العناصر المفضية للتواصل،فالفعل المباشر عند سيرل :هي الأقوال التي "تتوفر على تطابق تام بين معنى الجملة ومعنى القول"(66) أوتطابق المعنى و القصد
2. الأفعال غير مباشرة: فيها ينتقل المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي ،و هي أفعال تحتاج إلى تأويل لإظهار قصدها الإنجازي كالاستعارة و الكناية "إذ تجير المستمع من الانتقال من المعنى الحقيقي إلى المعنى الذي يسنده المتكلم إلى قوله"(67).و قد عمل سيرل على تطوير نظرية الأفعال الكلامية و أضاف إلى ما جاء به أوستين أفكارا هامة وقيمة، و قد قدم لها تصنيفا جديدا و بديلا يقوم على أسس منهجية و هي (68).
أ. الغرض الإنجازي. ب. اتجاه المطابقة. ج. شرط الإخلاص .
جعل سيرل نظرية الأفعال الكلامية مقسمة إلى خمسة أصناف كما قسمها أوستين و يمكن أن نوجزها كمايلي(69).
1-الإخباريات: الغرض الإنجازي فيها وصف المتكلم واقعة معينة من خلال قضية، و أفعال هذا
الصنف تتحمل الصدق و الكذب، أما اتجاه المقابلة فيكون من الكلمات إلى العالم.
2-التوجيهات: و تتمثل الغرض الإنجازي فيها في محاولة المتكلم توجيه المخاطب إلى فعل شيء
معين، و الأساس الثاني يكمن في الانتقال من العالم إلى الكلمات، و شرط الإخلاص يتمثل في الرغبة الصادقة و الإرادة الحقيقية و من أمثلته :النصح و الأمر و الاستعطاف ...
3-الالتزاميات: غرضها الإنجازي هو التعبير عن التزام المتكلم بفعل شيء في المستقبل، و أما اتجاه المطابقة فيها فهو الانتقال إلى ذلك من العالم إلى الكلمات،
4-التعبيريات : وغرضها الإنجازي هو "التعبير عن الموقف النفسي تعبيرا يتوافر فيه شرط الإخلاص و ليس لهذا الصنف اتجاه المطابقة "(70).و يدخل فيه التهنئة و الشكر و الاعتذار والمواساة، فالمرسل لا يجعل كلماته مطابقة للعالم الخارجي، و المطلوب فقط الإخلاص .
5-الإعلانيات:أهم ما ميزها أن أداءها الناجح يتمثل في مطابقة محتواها القضوي للعالم الخارجي ،فإذا أيدنا مثلا فعل إعلان الحرب أداء ناجحا فالحرب معلنة فعلا و اتجاه المطابقة سيكون فعلا من العالم إلى الكلمات ،أو من الكلمات إلى العالم و لا تحتاج إلى شرط الإخلاص، بعد هذه النظرة على نشأة وتطور التداولية، يمكن في الأخير أن نوجز ذكر جوانب البحث والتحليل التداولي فيما يلي : الاشاريات، والافتراض المسبق، واستلزام الحوار، إضافة إلى نظرية الأفعال الكلامية التي عرضناها سابقا. وهي الإشاريات :اهتم بها العلماء قديما من خلال أدوات الربط بين أجزاء الجملة وبين مجموعة الجمل، واهتمامهم ببعض الجوانب الصرفية والنحوية والدلالية، ليهتم بها حديثا علماء التداولية واعتبروا أن " النص يتألف من عدد ما من العناصر، تقيم فيما بينها شبكة من العلاقات الداخلية التي تعمل على إيجاد نوع من الانسجام والتماسك بين تلك العناصر، وتسهم الروابط التركيبية والروابط الزمنية والروابط الإحالية في تحقيقها"(71)، وهي وحدات لغوية تتواجد في جميع لغات العالم، وهي عدة أنواع (72)
1-الاشاريات
ا / الإشاريات الشخصية: وهي تمثل الضمائر الدالة على المتكلم والمخاطب سواء أكانت متصلة أم منفصلة،
ب/ الإشاريات الزمنية: وتمثلها ظروف الزمان بصورة عامة ، فإذا لم يعرف الزمن التبس الأمر على المتلقين، وقد تدل العناصر الإشارية على الزمان الكوني والنحوي،
ج/ الإشاريات المكانية: وتمثلها بصورة عامة ظروف المكان ويعتمد استعمالها وتفسيرها على معرفة مكان المتكلم، وقت التكلم أو على مكان آخر معروف للخطاب أو للمخاطب والسامع، ولعل أكثر الإشاريات المكانية الواضحة هي: هذا، ذاك. وظروف المكان: هنا، هناك، تحت
2- الافتراض السابق: إن اللغة مجموعة رموز وإحالات مرجعية ينطلق الأفراد(المتخاطبون) من معطيات أساسية معترف بها، لا يصرح (73) بها المتكلمون ،وإنما تشكل خلفية التبليغ الضرورية لنجاح العملية التبليغية فقولنا: كيف حال زوجتك وأولادك ؟، يفترض مسبقا أن يكون المسؤول عنه أبناء وزوجة، وأن السائل له علاقة حميمة مع المسؤول.
3. الاستلزام الحواري: إنه من أهم جوانب البحث والتحليل التداولي، لأنه ألصقها بطبيعة البحث فيه و أبعدها عن الالتباس بمجالات الدرس الدلالي (74)، ولقد كانت بداية البحث فيه مع المحاضرات التي دعا جرايس إلى إلقائها في جامعة هارفارد سنة1968م(75)، وعلى الرغم من أن أفكاره لم تكن متماسكة فقد أضحى عمله واحدا من أهم النظريات في البحث التداولي، اكتشف جرايس أن الناس في حواراتهم قد يقصدون فعلا ما يقولون، وقد يتجاوز قصدهم أكثر مما يقولون وقد يكون ما يقولونه نقيضا لما يقصدون فنشأت بذلك فكرة الاستلزام الحواري(76)، وقد وضع مبدأ أسماه مبدأ التعاون بين المرسل والمرسل أليه، وهو مبدأ عام يضم تحته أربعة مبادئ(77) فرعية وهي: أ- مبدأ الكم:.ب- مبدأ الكيف: ج-مبدأ المناسبة- د- مبدأ الطريقة: الهـوامــــش والإحـــــالات : 1- ابن منظور لسان العرب، ج11، ص252، 253، مادة "دول" ،والفيروزآبادي، القاموس المحيط، ضبط يوسف الشيخ محمد البقاعي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بيروت لبنان،2003 ،ص900. مادة "دول".
2- معجم اللغة العربية، المعجم الوسيط، دار الدعوة، 1989، ط2،اسطنبول، تركيا، ج1، ص304.
3- سورة آل عمران، الآية 140.
4- تفسير القرآن العظيم، ج3، ص542.
5- تيسير الكريم الرحمان في تفسير كلام المنان، ص150.
6- حامد خليل،المنطق البراغماتي عند بيرس، مؤسس الحركة البراغماتية، دار الينابيع مصر، 1996، ص196.
7- ميجان الرويلي، وسعد البازغي، دليل الناقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، ط2، الدار البيضاء، 2000، ص102.
8- خولة طالب الإبراهيمي، مبادئ في اللسانيات، دار القصبة للنشر، ط1، الجزائر، 2000، ص158.
9- نعمان بوقرة، المدارس اللسانية المعاصرة، مكتبة الآداب،، ط1، القاهرة، مصر، 2004، ص165.
10- محمود أحمد نخلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، دار المعرفة الجامعية، ط1، مصر، 2002، ص13.
11- الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية، ترجمة محمد يحياتن، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1986، ص33.
12- خولة طالب الإبراهيمي، مبادئ في اللسانيات، ص185.
13- محمود أحمد نخلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص14.
14- الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية ، ص41.
15- خولة طالب الإبراهيمي،مبادئ في اللسانيات ، ص185.
4- محمود أحمد نخلة،آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر ، ص9.
16- م.ن، ص11.
17- م.ن، ص ن.
18- م.ن، ص ن
19- عبد القادر المهيري وآخرون، أهم المدارس اللسانية منشورات المعهد القومي لعلوم التربية، ط2، تونس، 1990، ص95.
20- م.ن، 99.
21- محمد مفتاح، مجهول البيان، دار توبقال للنشر، ط1، المغرب، 1990، ص118.
22- فرانسواز أرمينكو، المقاربة التداولية، ترجمة سعيد علوش، مركز الإنماء القومي، بيروت، ص49.
23- الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية، ص11.
24- طه عبد الرحمان: تكامل المعارف، اللسانيات والمنطق، مجلة دراسات سيميائية أدبية، العدد الثاني، المغرب،(87،88)، ص120.
25- الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية،ص14، 15.
26- م.ن، ص،14 .
27- فرانسواز أرمينكو،المقاربة التداولية ،ص80.
28- عن محمد طلحة،قراءة لكتاب مسعود صحراوي "التداولية عند العلماء العرب" موقع الانترنيت : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
29- محمود أحمد نخلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص14.
30- الجيلالي دلاش ،مدخل الى اللسانيات التداولية 06 .
31- م ن،ص ن
32- راضية خفيف :التداولية في اللسانيات الحديثة، مجلة اللسانيات و اللغة العربية، 2006، جامعة باجي مختار، عنابة ،الجزائر، 2006 ،ع2،ص 243 ،
33 و انظر حامد خليل، المنطق البراغماتي عند تشارلز بيرس ،مؤسس البراغماتية، ص 198.
34- الجيلالي دلاش،مدخل إلى اللسانيات التداولية ،ص10.
35- الجيلالي دلاش ،مدخل إلى اللسانيات التداولية، ص 11.
36- نعمان بوقرة ، المدارس اللسانية المعاصرة ، ص 198 .
37 - م ،ن ،ص، ن.
38- محمود أحمد نخلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر ص 09.
39- انظر محمود أحمد نخلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص41.
40- أنظر الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية، ص18،19.
41 - محمود أحمد نخلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر ، ص42
42- محمود أحمد نخلة،آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص43.
43- الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية، ص22.
44 الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية،ص22
45 م.ن، ص،ن.
46 م.ن، ص،ن.
47 م.ن، ص،ن.
48- م،ن ،ص،ن.
49محمود أحمد نخلة،آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص 44،45
50-محمود أحمد نخلة،آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، المرجع نفسه ص 45.
51-الجيلالي دلاش ،مدخل إلى اللسانيات التداولية، ص 24.
52- محمود أحمد نخلة ،آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص 45.
53- الجيلالي دلاش ،مدخل إلى اللسانيات التداولية، ص22.
54- محمود أحمد نخلة ، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص 45 .
55- م.ن،ص46.
56- الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية ،ص 25.
57- محمود أحمد نخلة،آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص 46.
58- الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية، ص 25.
59- م.ن، ص.ن.
60- محمود أحمد نخلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص 47.
61- الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية، ص 25.
62- محمود أحمد نخلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص 47
63- الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية، ص 25 و ما بعدها.
64- م.ن،ص29.
65- محمود أحمد نخلة،آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر،ص49.
66- م.ن، ص 49،50.
67- الجيلالي دلاش، مدخل إلى اللسانيات التداولية، ص 29.
68- محمود أحمد نخلة، آفاق جديدالمصدر
الجمعة أبريل 18, 2014 6:49 am من طرف viva star
» مناهج النقد الأدبي . مترجم.rar
الخميس أبريل 17, 2014 5:01 pm من طرف viva star
» مصطلحات توليدية
السبت فبراير 08, 2014 2:55 pm من طرف رعاش وليد
» ارجو المساعدة
الجمعة يناير 10, 2014 2:10 am من طرف مريم عبد الرحمان
» مساعدة عاجلة جداااااااااا
الثلاثاء يناير 07, 2014 6:53 am من طرف مريم عبد الرحمان
» كتب في علم الدلالة
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:35 pm من طرف safih
» عرض حول معجم المقاييس لابن فارس
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:15 pm من طرف safih
» المعجم الالكتروني
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:06 pm من طرف safih
» تشغيل الجزيرة الرياضية بالشرينغ
الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 11:29 am من طرف safih