انتحار المتنبي

انتحار المتنبي
لـــو المتنبي إلينا يعــود و في صدره موعد ووعـود
ومــن شفتيه يبـرعم درب و يخضل قلب و يخضر عود
ليهجـر كل السرور السجون و تسكت حين تراه الـرعود
و ينخنــق الغـم حين يسير أسيــرا على معصميه القيود
* * *
لـــو المـتنبي إلينا يعـود و في صدره يتعــالى النشيد
يهـد هده أمل بالمنى يــــــتوغل في طــيشه و يــزيد
لصــاح: كفى بك داء و قال تــرى عرب أنتمو أم يهود
و عـاد إلى القبر رمز القوافي لينــهشه بــدل الناس دود
* * *
ألا رحـــم الله سيف الزمان و ليت الزمــان به سيعـود
علـوت الذرى بهواه .. و كان يوحـــــدنا هبة و قصيد
أجــدت بشعـري فجاد بحظ و كنت أزيـد و كــان يزيد
قصـائد قلبي مصاعد .. نلت النجـــوم بهن و هن صدود

* * *
أنـــا قبس قد أنـار الـدنى و خبا و هـــو بعد صبي وليد
تمــنيت لو كان لي كأس عمر جديد لكــــان يعود الوجود
ربيــعا لألبسه حللا يتــــــــباهى الوجــود بها و الخلـود
و ينتـصر العــز فينا.. و ينكســــر الذل فـي مهده و الوعيـد
* * *
أردت و صــالك يا شمس حتى تعـــود مجالسنا و العهود
و حــتى نجدد أعـــراسنا و نبـــدد أحـــزاننا فتبيد
و يعــــلو رأس بلادي بفخر قديم يـــضاف إليه جــديد
* * *
لقـــد شاه وجه الحياة .. و إن الـــذي مات من يومه لسعيد
تمزق عن صدرك الثوب يا مـر يم الدهر .. و انتهكتك القرود
جـــراد القمامات يسكن صدر المسيح و رمل القذى و الحديد
يحــــارب صوت المحاريب إن الورى كلهم ركع و سجـود

* * *
لقـد شاخت الأرض .. فهي عجوز تقـــول حكـاياتها و تعيد
و أحفـــادها كالدراويش صرعى لـهم في بنوك الوراء رصيد
يـراقصهم أخطبوط التحلـــــف فــــــهو يميل بهم و يميد
و من عجب .. عــرسهم عند كل انتكـــاس كأن المآتم عيد
* * *
و ضعـت على القبر زهري فأهدر أجــــري أفيد و لا أستفيد
تغـــــربت الضاد و انهد بنيا نها و هوى ركنها و العمـود
أنــــا آخــر الشعراء أقول قريضا مريضا و لست أجـيد
أمــــر على القبر أبكي و يبكي كــــلانا هنا فاقد و فقيد
* * *
لــمن أكتب الشعر و الشعر جمر اللظى للوغى نفطها و الوقود
لســــاني الفصيح يصيح: ثغور المدينة مفتــوحة و الحدود
و تشــــرب يا أفعوان الجراح فمي في الصباح .. و أهلي رقود
تهــــاجر كـل الجبال و تعـلو وهم فوق ظهر الضيـاع قعود
* * *

تضيق فضــاءاتنا و دخان الضنى عندنا واســع و مديد
نغازل سحر النعاس ضحى و نــريد الرقاد ... ونحن رقود
ثغور المــــــــدينة مفتوحة من سيحمي سنابلنا .. و يذود
و دار الخلافة رهن الخـلاف لقد غـــاب أستاذها و العميد