تلمسات نظرية في نشأة الرواية وخصائصها
لقد وجد الوليد الأدبي الجديد الطريق ممهدة أمامه للوصول إلى أوسع عدد من القراء، عبر إعادة إنتاجه في مطابع غوتنبرغ، على عكس الأجناس الأدبيّة الأخرى التي انتظرت آلاف أو مئات السنين لتحظى بهذه الفرصة للشيوع، ولهذا فسرعان ما حظي الوليد الجديد باهتمام جمهور القراء والمعنيين، وبسرعة قياسيّة 'نسبة إلى الأشكال الأدبيّة الأخرى' تم الاعتراف به وليداً شرعياً منتسباً إلى عالم الأدب بكل جدارة، ووسمه هذا العامل، أي ارتفاع مستوى النشر بسمته الشعبيّة والجماهيريّة. هذه السمة التي ستلازمه حتى النهايّة.
تتسم نشأة الرواية بجدليّة فريدة ومُثيرة للإنتباه حقاً، فهي قد ولدت على أنقاض الإقطاعيّة، وفي خضّم الصراعات الأيدولوجيّة للبرجوازيّة، وولادتها تعبير عن الصراع ضد الرومانس القديم، وضد الإرث الثقافي للقرون الوسطى، لكنها بعين الوقت تستفيد غاية الإستفادة من موروث الثقافة الإقطاعيّة في الميدان القصصي، وهي من جانب آخر مُعبرة عن المجتمع البرجوازي، وكما يقول لوكاش: 'الرواية هي الشكل الأدبي الأكثر دلالة على المجتمع البرجوازي'.
إنها شكل برجوازي بامتياز، وهذا ما يكاد يتفق عليه الدارسون، إلا أننا من جهة أخرى نرى أن البرجوازية كيّفت وطورّت الأشكال الأخرى الموروثة من العصور السابقة، وأعادت بناءها وفقاً لمصالحها وغاياتها، غير أنها تجاهلت وليدها 'الرواية' ولم تستطع في مرحلة صعودها أن تقدم إجابة نظريّة عن كنه هذا الشكل الأدبي الجديد.
لم تكن ولادة الرواية، وبأية حال من الأحوال مجرد ابتكار فردي من دونما أساس مادي في الحياة الأجتماعيّة. إنها بشكل واضح نقل الحياة اليوميّة في المجتمع الفرداني وليد الإنتاج من أجل السوق إلى الصعيد الأدبي، وبسبب ذلك فالفن الجديد هذا لا يخضع لقواعد العصر الكلاسيكي تماماً حتى في بداية نشوئه، يضاف إلى ذلك أن الرواية عندما اكتملت صيرورتها كجنس أدبي متميز، فإن العصر الكلاسيكي كان قد فقد الكثير من حيويته.
• تلمسات نظرية
كانت أفضل الإسهامات على صعيد نظرية الروايّة إسهامات الروائيين ذاتهم، سواء عبر إبداعهم، أو عبر التنظيرات المحددة لهذا الشكل الفني الحديث، غير أن هذه الإسهامات لم تكن إلا تلمسات نظريّة تجريبيّة، فحتى 'ريتشاردسون وفيلدينغ اللذين نظرا إلى نفسيهما على أنهما مؤسسان لنوع جديد من الكتابة، وأن كلا منهما نظر إلى عمله على أنه يشكل قطيعة مع الرومانس القديم فغن أياً منهما ومن معاصريهما لم يزودونا بوصف النوع الأدبي الجديد الذي نحن في أمس الحاجة إلى وصفه'.
لقد انشغل الروائيون القدامى بالقيمة التربوية للفن، وبالصلة بين القاريء والنص، فريتشاردسون يرى أننا إذا كشفنا عن العمليات النفسيّة لشخص عادي، كان باستطاعتنا أن نقارن تجربته الخاصة بتجربتنا، وهذا يعني أننا نستطيع أن نتقمص هذه الشخصيّة ونتعاطف معها بسهولة أكثر، وهو يرى أيضاً أننا حين نعرف المزيد عنه من خلال اهتمامنا المُثار به، يمكننا أيضاً أن نعرف المزيد عن أنفسنا، وقد بنى رواياته الطويلة الثلاث (باميلا) و(كلاديس) وبالأخص رائعته (شارل غراندسون) على هذا الأساس النفساني والعاطفي ذي البعد التربوي.
إن فكرة التقمص العاطفي لغرض التنوير الخلقي مُعتقد مركزي في التفكير يومذاك، فجونسون يهتم بالفن من حيث هو مرشد خُلقي، وبالفنان من حيث هو وسيلة للإرشاد الخلقي، و(ديفو) يرى الحياة على أنها صراع خُلقي أبدي.
ويشير هالبرين إلى 'أن جورج هنري جيمس، الذي يُعد ألمع مُنظري الرواية في اللغة الإنكليزيّة قبل هنري جيمس، يؤكد أن على الرواية تجنب تصوير الدنيء والبشع، وأن على الفن أن لا يتعامل مع غير الواقعي، بل ينبغي أن يجعل الحقيقة الواقعيّة مثاليّة إلى حد ما كي يُلهم أرفع ملكات الإنسان ويوسعها'.
واضح أن مثل هذه الآراء لا تحدد طبيعة الرواية، وإنما هي تدخل في مجال نظريّة الأدب، بل الفن بشكل عام. كما أن مقولة الفن محاكاة للعالم الواقعي من أول نظريات الفن من أيام أرسطو طاليس.
ترتبط الرواية في المرحلة المبكرة من ولادتها ارتباطاً عضوياً مباشراً بثقافة العصر الوسيط السرديّة مع طابع جدلي إرادوي لأغراض مفترضة مسبقاً كالغرض التربوي، أو الغرض التبريري سواءً ضد الطبقات التي انتهى دورها، أم مع الطبقة البرجوازيّة الناهضة، ولهذا لا يندر أن تجد الروائي يقطع عليك القص، ليفرض حضوره الشخصي، يمدح ويذم، أو يقدّم لك إيضاحات، أو يفسر ماحدث أو ما سيحدث.
إن هدفه الكامن من وراء حكايته المسرودة، إنما هو غرض يخشى ألا تكون قد أدركته، لذا فهو يعمل جاهداً على مساعدتك على إدراكه، وعلى النحو الذي يريده هو أو على الصورة التي يفهمها هو.
لم يحدد لنا، لا الروائيون الذين كتبوا هذا الجنس من الأدب، ولا النقاد الذين تابعوا هذه الولادة، كنه هذا اللون الأدبي، وما علاقته بالقص السابق، والحكايات، والملاحم. لقد كانت مسألة نظريّة الروايّة غائبة، رغم أنّ الرواية فرضت نفسها على الساحة الأدبيّة من خلال إبداع مبدعيها الكبار، وسنحتاج إلى الجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة لتدلو بدلوها، وتضع اللمسات النظريّة الأولى لنظريّة الرواية.
• الجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة والروايّة
يعود الفضل إلى الجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة في طرح مسألة نظريّة الرواية على مستوى المباديء، يقول لوكاش: 'لم تبرز الخطوط الأولى لدراسة جماليّة شاملة عن الرواية إلا مع الفلسفة الكلاسيكيّة الألمانيّة، حيث أُدرجت بصورة عضويّة في مقولات الأشكال الجماليّة، وخلال تلك الفترة بالذات بدأت تتسرب من جديد التعليمات العمليّة لكبار القصاصين حول ممارساتهم الخاصة، وتنطوي على معاني نظريّة أكثر عمقاً (ولتر سكوت، غوته، بلزاك.. الخ). ويستخلص مما سبق أن مباديء نظريّة الرواية وضعت خلال هذه الفترة.
لقد اكتشفت الجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة في مجال نظريّة الرواية الوحدة القائمة بين الملحمة والرواية، كما اكتشفت الفرق التاريخي بينهما، وأقرت الرواية كشكل بالغ الحداثة، وفضل الجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة على نظريّة الرواية، يتمثل في اكتشاف العلاقة الوثيقة التي تربط ما بين الرواية (كشكل فني) والمجتمع البرجوازي، بغض النظر عما آل إليه هذا الإكتشاف من نتائج على يد هيغل فيما بعد، بسبب فلسفته المثاليّة، فديالكتيك هيغل لوحده من دون الفلسفة الماديّة والماديّة التاريخيّة ما كان بإمكانه أن يوصله إلى مفهوم مادي جدلي للشكل الروائي، وبالتالي لم يكن مُستغرباً منه أن يتوصل إلى نهاية الفن، أو موت الفن، وهو نفس ما زعمته وادعته التيارات الإنحطاطيّة الحديثة في الثقافة البرجوازية من إحتضار وموت الرواية.
وإذا كانت الجماليّة الكلاسيكيّة لم تتمكن من الوصول إلى نظريّة متكاملة عن الرواية لسبب مفهوم هو افتقارها للمنهج المادي، والمادي التاريخي كما أسلفنا، فإن لها السبق في طرح المشكلة بصورة دقيقة في مجملها، ووضع الخطوات الأولى لظهور نظريّة سوف لا ولن تكون كاملة ومكتملة، بحكم شموليّة الرواية التي لم يشابهها فيها أي جنس من أجناس الأدب، وكان على الماركسيّة بعدئذ وضع القضية في إطارها الصحيح، حيث ردّت الطابع التناقضي للتقدم إلى أسبابه الإقتصاديّة، وطبّقت ذلك على الرواية.
إن اتخاذ موقف نظري صحيح تجاه شكل الرواية يفترض اتخاذ موقف نظري صحيح تجاه التطور المتناقض في المجتمع الرأسمالي، وهذا ما لم يكن متاحاً للجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة، التي كانت تستند على الفلسفة المثاليّة.
صباح علي الشاهر
الصداقة
بقلم: صباح علي الشاهر
في قرية فلسطينية تدعى 'بيت لحم' ولد ذات يوم طفل لم ينتسب لأب من بني البشر، قُيّض فيما بعد ليوم مولده أن يكون مشهوداً، ولا مثيل له، حيث أُعتبر الحد الفاصل بين مرحلتين في تأريخ البشرية، ما قبل هذا الميلاد وما بعده، وإذا كانت أهم الأجناس الأدبية قد ولدت قبل هذه الولادة بآلاف السنين - الشعر مثلاً - أو مئات السنين - المسرح - فإن ولادة جنس الرواية ستحتاج إلى ألف وخمسمائة عام بعد هذه الولادة الفريدة التي عدّت الحد الفاصل بين تأريخين. وقتها كان الإنسان قد توصل إلى إنتاج الطابعة التي هي أول ابتكار للإنتاج بالجملة في الحضارة الإنسانية.لقد وجد الوليد الأدبي الجديد الطريق ممهدة أمامه للوصول إلى أوسع عدد من القراء، عبر إعادة إنتاجه في مطابع غوتنبرغ، على عكس الأجناس الأدبيّة الأخرى التي انتظرت آلاف أو مئات السنين لتحظى بهذه الفرصة للشيوع، ولهذا فسرعان ما حظي الوليد الجديد باهتمام جمهور القراء والمعنيين، وبسرعة قياسيّة 'نسبة إلى الأشكال الأدبيّة الأخرى' تم الاعتراف به وليداً شرعياً منتسباً إلى عالم الأدب بكل جدارة، ووسمه هذا العامل، أي ارتفاع مستوى النشر بسمته الشعبيّة والجماهيريّة. هذه السمة التي ستلازمه حتى النهايّة.
تتسم نشأة الرواية بجدليّة فريدة ومُثيرة للإنتباه حقاً، فهي قد ولدت على أنقاض الإقطاعيّة، وفي خضّم الصراعات الأيدولوجيّة للبرجوازيّة، وولادتها تعبير عن الصراع ضد الرومانس القديم، وضد الإرث الثقافي للقرون الوسطى، لكنها بعين الوقت تستفيد غاية الإستفادة من موروث الثقافة الإقطاعيّة في الميدان القصصي، وهي من جانب آخر مُعبرة عن المجتمع البرجوازي، وكما يقول لوكاش: 'الرواية هي الشكل الأدبي الأكثر دلالة على المجتمع البرجوازي'.
إنها شكل برجوازي بامتياز، وهذا ما يكاد يتفق عليه الدارسون، إلا أننا من جهة أخرى نرى أن البرجوازية كيّفت وطورّت الأشكال الأخرى الموروثة من العصور السابقة، وأعادت بناءها وفقاً لمصالحها وغاياتها، غير أنها تجاهلت وليدها 'الرواية' ولم تستطع في مرحلة صعودها أن تقدم إجابة نظريّة عن كنه هذا الشكل الأدبي الجديد.
لم تكن ولادة الرواية، وبأية حال من الأحوال مجرد ابتكار فردي من دونما أساس مادي في الحياة الأجتماعيّة. إنها بشكل واضح نقل الحياة اليوميّة في المجتمع الفرداني وليد الإنتاج من أجل السوق إلى الصعيد الأدبي، وبسبب ذلك فالفن الجديد هذا لا يخضع لقواعد العصر الكلاسيكي تماماً حتى في بداية نشوئه، يضاف إلى ذلك أن الرواية عندما اكتملت صيرورتها كجنس أدبي متميز، فإن العصر الكلاسيكي كان قد فقد الكثير من حيويته.
• تلمسات نظرية
كانت أفضل الإسهامات على صعيد نظرية الروايّة إسهامات الروائيين ذاتهم، سواء عبر إبداعهم، أو عبر التنظيرات المحددة لهذا الشكل الفني الحديث، غير أن هذه الإسهامات لم تكن إلا تلمسات نظريّة تجريبيّة، فحتى 'ريتشاردسون وفيلدينغ اللذين نظرا إلى نفسيهما على أنهما مؤسسان لنوع جديد من الكتابة، وأن كلا منهما نظر إلى عمله على أنه يشكل قطيعة مع الرومانس القديم فغن أياً منهما ومن معاصريهما لم يزودونا بوصف النوع الأدبي الجديد الذي نحن في أمس الحاجة إلى وصفه'.
لقد انشغل الروائيون القدامى بالقيمة التربوية للفن، وبالصلة بين القاريء والنص، فريتشاردسون يرى أننا إذا كشفنا عن العمليات النفسيّة لشخص عادي، كان باستطاعتنا أن نقارن تجربته الخاصة بتجربتنا، وهذا يعني أننا نستطيع أن نتقمص هذه الشخصيّة ونتعاطف معها بسهولة أكثر، وهو يرى أيضاً أننا حين نعرف المزيد عنه من خلال اهتمامنا المُثار به، يمكننا أيضاً أن نعرف المزيد عن أنفسنا، وقد بنى رواياته الطويلة الثلاث (باميلا) و(كلاديس) وبالأخص رائعته (شارل غراندسون) على هذا الأساس النفساني والعاطفي ذي البعد التربوي.
إن فكرة التقمص العاطفي لغرض التنوير الخلقي مُعتقد مركزي في التفكير يومذاك، فجونسون يهتم بالفن من حيث هو مرشد خُلقي، وبالفنان من حيث هو وسيلة للإرشاد الخلقي، و(ديفو) يرى الحياة على أنها صراع خُلقي أبدي.
ويشير هالبرين إلى 'أن جورج هنري جيمس، الذي يُعد ألمع مُنظري الرواية في اللغة الإنكليزيّة قبل هنري جيمس، يؤكد أن على الرواية تجنب تصوير الدنيء والبشع، وأن على الفن أن لا يتعامل مع غير الواقعي، بل ينبغي أن يجعل الحقيقة الواقعيّة مثاليّة إلى حد ما كي يُلهم أرفع ملكات الإنسان ويوسعها'.
واضح أن مثل هذه الآراء لا تحدد طبيعة الرواية، وإنما هي تدخل في مجال نظريّة الأدب، بل الفن بشكل عام. كما أن مقولة الفن محاكاة للعالم الواقعي من أول نظريات الفن من أيام أرسطو طاليس.
ترتبط الرواية في المرحلة المبكرة من ولادتها ارتباطاً عضوياً مباشراً بثقافة العصر الوسيط السرديّة مع طابع جدلي إرادوي لأغراض مفترضة مسبقاً كالغرض التربوي، أو الغرض التبريري سواءً ضد الطبقات التي انتهى دورها، أم مع الطبقة البرجوازيّة الناهضة، ولهذا لا يندر أن تجد الروائي يقطع عليك القص، ليفرض حضوره الشخصي، يمدح ويذم، أو يقدّم لك إيضاحات، أو يفسر ماحدث أو ما سيحدث.
إن هدفه الكامن من وراء حكايته المسرودة، إنما هو غرض يخشى ألا تكون قد أدركته، لذا فهو يعمل جاهداً على مساعدتك على إدراكه، وعلى النحو الذي يريده هو أو على الصورة التي يفهمها هو.
لم يحدد لنا، لا الروائيون الذين كتبوا هذا الجنس من الأدب، ولا النقاد الذين تابعوا هذه الولادة، كنه هذا اللون الأدبي، وما علاقته بالقص السابق، والحكايات، والملاحم. لقد كانت مسألة نظريّة الروايّة غائبة، رغم أنّ الرواية فرضت نفسها على الساحة الأدبيّة من خلال إبداع مبدعيها الكبار، وسنحتاج إلى الجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة لتدلو بدلوها، وتضع اللمسات النظريّة الأولى لنظريّة الرواية.
• الجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة والروايّة
يعود الفضل إلى الجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة في طرح مسألة نظريّة الرواية على مستوى المباديء، يقول لوكاش: 'لم تبرز الخطوط الأولى لدراسة جماليّة شاملة عن الرواية إلا مع الفلسفة الكلاسيكيّة الألمانيّة، حيث أُدرجت بصورة عضويّة في مقولات الأشكال الجماليّة، وخلال تلك الفترة بالذات بدأت تتسرب من جديد التعليمات العمليّة لكبار القصاصين حول ممارساتهم الخاصة، وتنطوي على معاني نظريّة أكثر عمقاً (ولتر سكوت، غوته، بلزاك.. الخ). ويستخلص مما سبق أن مباديء نظريّة الرواية وضعت خلال هذه الفترة.
لقد اكتشفت الجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة في مجال نظريّة الرواية الوحدة القائمة بين الملحمة والرواية، كما اكتشفت الفرق التاريخي بينهما، وأقرت الرواية كشكل بالغ الحداثة، وفضل الجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة على نظريّة الرواية، يتمثل في اكتشاف العلاقة الوثيقة التي تربط ما بين الرواية (كشكل فني) والمجتمع البرجوازي، بغض النظر عما آل إليه هذا الإكتشاف من نتائج على يد هيغل فيما بعد، بسبب فلسفته المثاليّة، فديالكتيك هيغل لوحده من دون الفلسفة الماديّة والماديّة التاريخيّة ما كان بإمكانه أن يوصله إلى مفهوم مادي جدلي للشكل الروائي، وبالتالي لم يكن مُستغرباً منه أن يتوصل إلى نهاية الفن، أو موت الفن، وهو نفس ما زعمته وادعته التيارات الإنحطاطيّة الحديثة في الثقافة البرجوازية من إحتضار وموت الرواية.
وإذا كانت الجماليّة الكلاسيكيّة لم تتمكن من الوصول إلى نظريّة متكاملة عن الرواية لسبب مفهوم هو افتقارها للمنهج المادي، والمادي التاريخي كما أسلفنا، فإن لها السبق في طرح المشكلة بصورة دقيقة في مجملها، ووضع الخطوات الأولى لظهور نظريّة سوف لا ولن تكون كاملة ومكتملة، بحكم شموليّة الرواية التي لم يشابهها فيها أي جنس من أجناس الأدب، وكان على الماركسيّة بعدئذ وضع القضية في إطارها الصحيح، حيث ردّت الطابع التناقضي للتقدم إلى أسبابه الإقتصاديّة، وطبّقت ذلك على الرواية.
إن اتخاذ موقف نظري صحيح تجاه شكل الرواية يفترض اتخاذ موقف نظري صحيح تجاه التطور المتناقض في المجتمع الرأسمالي، وهذا ما لم يكن متاحاً للجماليّة الكلاسيكيّة الألمانيّة، التي كانت تستند على الفلسفة المثاليّة.
صباح علي الشاهر
الصداقة
الجمعة أبريل 18, 2014 6:49 am من طرف viva star
» مناهج النقد الأدبي . مترجم.rar
الخميس أبريل 17, 2014 5:01 pm من طرف viva star
» مصطلحات توليدية
السبت فبراير 08, 2014 2:55 pm من طرف رعاش وليد
» ارجو المساعدة
الجمعة يناير 10, 2014 2:10 am من طرف مريم عبد الرحمان
» مساعدة عاجلة جداااااااااا
الثلاثاء يناير 07, 2014 6:53 am من طرف مريم عبد الرحمان
» كتب في علم الدلالة
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:35 pm من طرف safih
» عرض حول معجم المقاييس لابن فارس
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:15 pm من طرف safih
» المعجم الالكتروني
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:06 pm من طرف safih
» تشغيل الجزيرة الرياضية بالشرينغ
الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 11:29 am من طرف safih