مرحبا بكم في المنتدى ،
ساهموا معنا في تطوير المنتدى
تخيل نفسك أستاذا و محاضرا سجل ،
و انشر على الموقع ...........
و ذلك من أجل العلم و طلبة العلم ،
و مرحبا من جديد ، التسجيل في ثوان لا تترددوا...


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل


مرحبا بكم في المنتدى ،
ساهموا معنا في تطوير المنتدى
تخيل نفسك أستاذا و محاضرا سجل ،
و انشر على الموقع ...........
و ذلك من أجل العلم و طلبة العلم ،
و مرحبا من جديد ، التسجيل في ثوان لا تترددوا...

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كـــن أول المـعـجـبـين

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع

لا يوجد مستخدم

المواضيع الأخيرة

» أنواع الزحافات :..........
الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل   بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ Emptyالجمعة أبريل 18, 2014 6:49 am من طرف viva star

» مناهج النقد الأدبي . مترجم.rar
الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل   بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ Emptyالخميس أبريل 17, 2014 5:01 pm من طرف viva star

» مصطلحات توليدية
الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل   بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ Emptyالسبت فبراير 08, 2014 2:55 pm من طرف رعاش وليد

» ارجو المساعدة
الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل   بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ Emptyالجمعة يناير 10, 2014 2:10 am من طرف مريم عبد الرحمان

» مساعدة عاجلة جداااااااااا
الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل   بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ Emptyالثلاثاء يناير 07, 2014 6:53 am من طرف مريم عبد الرحمان

» كتب في علم الدلالة
الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل   بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ Emptyالثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:35 pm من طرف safih

» عرض حول معجم المقاييس لابن فارس
الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل   بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ Emptyالثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:15 pm من طرف safih

» المعجم الالكتروني
الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل   بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ Emptyالثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:06 pm من طرف safih

» تشغيل الجزيرة الرياضية بالشرينغ
الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل   بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ Emptyالثلاثاء نوفمبر 12, 2013 11:29 am من طرف safih

دخول

لقد نسيت كلمة السر

دروس في النـــــــــــحو


    الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ

    حشادي
    حشادي
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 1188
    تاريخ التسجيل : 20/11/2009
    العمر : 44
    الموقع : المنتدى العالمي للطفـــــولة

    اضاءة الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ

    مُساهمة من طرف حشادي الثلاثاء مايو 08, 2012 12:02 pm

    الترجمة... ذلك الخطاب الحال المرتحل
    (بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ)
    بلعابد عبد الحق
    عتبة ترجمية:
    الناظر إلى الترجمة لا يجدها تخرج في تحديداتها عن كونها نقل من لغة إلى لغة أخرى، وهذا في كل اللغات، سواء تعلق هذا النقل بمفردات أو جمل أو نصوص بأكملها، فهي كما يقول ابن الدريهم : "عبارة عن كشف المعمّى، ومنه سميّ المعبِّر لغيره عن لغة لا يعرفها بلغة يعرفها بالترجمان، وإليه ينحل لفظ الحلِّ أيضا، إذ المراد من الحل إزالة العقد فيصير المراد بحل المترجم ترجمة المترجم أو حلّ الحل"[1]، هذا وإن اختلفوا في طرائق هذا النقل والحل والتحويل.
    فحدود الترجمة ومعالمها تتأبى على القبض والتحديد لتعقيدها وتداخلها في جميع المجالات المعرفية (لسانيات النص، تحليل الخطاب، السيميائيات)، فأي حدّ نقدمه لها لن يستبعد باقي الحدود التي قوربت بها، فهي عندنا : "نقل من نظام لساني إلى نظام لساني آخر بفعل التحويل قصد تغيير حاله (النص المترجم) ومراعاة مجاله التداولي"، إلا أننا نجد أن هذا التعريف يخفي أكثر مما يظهر، فالترجمة هي هذا وغيره؛ لأنها وهي تنقل بفعل التحويل من نظام لساني إلى نظام لساني آخر، تقوم بانتقالات وارتحالات أخرى عبر قناتها الترجمية من حضارة إلى حضارة، ومن ثقافة إلى ثقافة، ومن فلسفة إلى فلسفة أخرى، فالترجمة لغة غيرية تبتعد عن الأصل لتقترب منه في آن، فهي بين الذهاب والإياب تعمل على رفع قلق الخطاب/النص الترجمي.
    - ترجمان العوان:
    إذا أردنا قراءة في العنوان لتحديد استراتيجيتنا التحليلية، سنجده أولى العتبات المنهجية، لأنه من أهم المفاتيح الإجرائية لفهم الاشغالات البحثية لأي موضوع، قصد ربط العتبة بالمداخل، فقراءتنا لعنوان المداخلة سيضعنا في سياقاتها المعرفية وغاياتها الفكرية.
    فالترجمة كما نفهمها هي موضوع للتفكير وطريقة في التحليل (أي ترجمة النصوص والخطابات)، تعي بخطواتها الاستراتيجية وآلياتها الإجرائية لنقل النصوص والخطابات من لغة المنطلق إلى لغة الوصول.
    كما أشرنا إليها معرفيا بأنها خطاب حال مرتحل، لما يكتنف الخطاب من تداخلات مصطلحية مع النص على ما وضحه "مانغينو"[2]، لذا وجدنا أن الترجمة:
    - تقع باللسان للترجمان/ interprète، مؤداة بخطاب مراع للخصوصيات المقامية للغة المنطلق والوصول.
    - وتقع بالكتابة للمترجم/ traducteur، مخطوطة في نص مراع للخصوصيات السياقية للغة المنطلق ولغة الوصول، كما حققهما "السمعاني" في دلالاته، وما تذهب إليه الآن غالبية المعاجم اللسانية والسيميائية المتخصصة[3].
    فالترجمة حالة ككتابة في نصوص المترجم، مرتحلة في خطابات الترجمان؛ لأنه كما يقول الجاحظ : "أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها، حتى يكون فيهما سواء وغاية... وأن يكون في العلم بمعانيها واستعمال تصاريف ألـفاظها وتـأويل مخارجها مثـل مـؤلف الكـتاب وواضعه"[4].
    وهذا الحل والترحال الترجمي، سيظهر تحديدنا للبينية الواقعة بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ، فخطاب الترجمة حال في كفاءات المترجم وفهومه، ومرتحل في تأويلات القارئ وقراءاته.
    وإذا علمنا أن كلمة ترجمة في ارتحالاتها اللغوية (المعجمية والدلالية)، كانت تكتب عند الآكاديين والآراميين بـ (ترجمانو، والواو في الأخير علامة الرفع)، وأصبحت الآن في عنوان مداخلتنا تسكن البين، فهي تعطف لتختلف؛ لأنها مسكن الكينونة المنسية للترجمة- بتعبير هايدغر[5]- بين كفاءات المترجم وتلقيات القارئ، فالواو واو المترجم ترفعه ليكون وسيطا بين اللغتين، فتفصله عن لغته الأصل لتوصله بلغة الآخر، وبين هذا الذهاب والإياب واو الترجمة تبدأ وتعيد في فهم كفاءات المترجم، وتلقيات القارئ.
    1- كفاءات المترجم:
    لما كانت الترجمة خطابا/نصا مفتوحا يمارس فيه المترجم الإجابة عن خطاب/نص بدئي، وجب عليه أن"يكون بيانه في نفس الترجمة في نفس علمه في نفس المعرفة"[6]، كونه قارئا محترفا بممارسته للطرائق الترجمية، والسالك لمسالكها البيانية، مواجها بها هذه الخطابات والنصوص، قاهرا بذلك الصعوبات التي تطرحه فيها تعددية اللغات وتباين الثقافات[7]، ليرخي سمعه للغة التي ستكلمه ترجمة بتعبيرات"هايدغر"[8]، مستعينا بكفاءات تقدره على تحقيق استراتيجيته الترجمية، في استنطاق النصوص والخطابات الترجمية، ومنها:
    أ‌- الكفاءة اللسانية:
    وما تمنح الدوال النصية واللسانية، والخارج نصية للغة المنطلق دلالات تراعي القواعد البنيوية للغة الوصول، بهذا المعنى يطرح المرسل إليه (المتلقي/المترجم له)على أنه العـامـل –ليس التجريبي بالضرورة- الجدير بأن يفتح القاموس لدى كل كلمة، وأن يلجأ إلى سلسلة من القواعد النحوية السابقة في سبيل أن يفقه وظيفة العبارات المتبادلة في سياق الجملة الآنفة، وعليه نقول إن كل رسالة/نص ترجمي، يفترض كفاءة نحوية لدى المتلقي/المترجم له، حتى ولو كان النص قد أرسل بلغة لا يسلّم بها سوى المرسل/المترجم، حيث يقر بنفسه بعدم وجود تأويل لساني ممكن، إنما يبين في نصه على الأكثر أثر انفعالي، واقتراح خارج لساني[9].
    ب- الكفـاءة الموسوعية:
    وهي عبارة عن ذخيرة كبيرة من المعلومات المشكلة للسياق العام للنص/الخطاب المترجم، حيث تتضمن هذه المعلومات على المعارف والمعتقدات، ونظام التمثلات والقيم، والتأويلات الممنوحة للعالم الخارجي.
    ج- الكفـاءة المنطـقية:
    وهي من بين ما تقوم به الترجمة، حيث تفترض إقامة علاقات مختلفة بين عناصر متعددة، مثل علاقة السبب بالنتيجة، أو العكس، أو الانتقال من شرط الإمكان إلى شرط الضرورة، أو علاقات التماثل والاختلاف في السمات، الأمر الذي يمنح الكفاءة المنطقية أهمية خاصة في القراءة وفعل الترجمة على حد سواء.
    د- الكفاءة التأويلية:
    إن فعل التأويل هو تفعيل دلالي لكل ما يود النص/الخطاب قوله عبر تعاضد قارئه الترجمي (المترجم)، لهذا كانت الترجمة فعلا تأويليا حواريا بتعبير"غادامر"[10]، وهـذا باستحضار المترجم، واستجماعه، وتمثله لكفاءاته السابقة، لملء الفراغات الدلالية التي ستواجهه بها بياضات النص/الخطاب ليتم بذلك مشروعه الترجمي.
    وباعتماده على هذه الكفاءات يمكن للمترجم أن يضبط قراءة ترجمية، يجعلها كآلية إجرائية لفهم النصوص والخطابات، وإدراكها؛ لأنها قراءة منهجية غير منتهية مادامت مفتوحة أبدا على تقنيات تحليلية أخرى معتبرة نفسها كتطبيق وممارسة[11].
    ومن فعل القراءة إلى فعل الترجمة، يموت المترجم عن لغته ليحيا في لغات الآخرين استعمالا وتداولا، ليسمح لكاتب النص الأصلي بأن يتكلم/تتكلمه لغة أخرى من دون أن يفقد هويته؛ لأن الترجمة فعالية كتابية/كلامية تقوم على التحويل وإعادة الإنتاج[12]، وإن عطلا فيها فستكف عن طرح الأسئلة، ولا يمكن أن يفكر فيها، ولا أن تقرأ أو تتداول أو تؤول من جديد؛ لهذا كان على القارئ أن يحاورها بفعل تلقيه لها، كونها تستهدفه، منذ البدء والتاريخ، باستضافته في مأدبتها البابلية.
    2- تلقيات القارئ:
    القارئ المستهدف/المترجم له، دوما في ضيافة اللغة الترجمية، ولما كانت مختلفة مؤتلفة، كان القارئ متشقق على نفسه لذوات قارئة تختلف مستوياتهم تلقيا وتأويلا للنص/الخطاب المترجم، وقد كثرت الدراسات المنجزة حول هذا القارئ في السيميائيات، ولسانيات النص، وتحليل الخطاب، وجماليات التلقي، ونظرية القراءة، حيث تطالعنا كل هذه الاشتغالات بقارئها الخاص الذي ينشرط بخلفيتها المعرفية، واستراتيجياتها التحليلية:
    - فالقارئ التاريخي الذي ينشده"ياوس"، نجده يعاصر تلقياته للنصوص والخطابات التي يواجهها، لينخرط في سننها الفنية وأجناسها الأدبية، فهو قادر على ترجمتها ترجمة تأصيلية[13].
    - أما القارئ الضمني، الذي اقترحه "إيزر"، فهو ليس شخصا خياليا مدرجا في داخل النص ولكنه دور مكتوب في كل نص، يستطيع كل قارئ أن يتحمله بصورة انتقائية وجزئية وشرطية[14]، فشرط التلقي والتلقي الترجمي عند "إيزر" هو تفاعلية القارئ مع النص (المترجم)، ليعيد بنينته من جديد، وهذا ما يقوم عليه/به فعل الترجمة.
    - أما القارئ النموذجي، لـ"إيكو" فيحمل جماع شروط النجاح التي وضعت نصيا[15]، فالنص و/أو النص الترجمي في حال ظهوره من خلال سطحه اللساني، يمثل سلسلة من الحيل التعبيرية التي ينبغي تفعيلها (تواصلا وتداولا) من المترجم له.
    فكل هؤلاء القراء ما هم إلا بنيات نصية/خطابية، أو خارج نصية/خطابية تعضد النص/الخطاب المترجم، وتحدد مرجعياته المعرفية، فالقارئ التاريخي، والضمني، والنموذجي، وما هم إلا نحن، وأنت، وأنا، المستهدفين بخطاب الترجمة، والمتعاونين في تلقيه وتداوله؛ لأن فهم الترجمة في حلها وترحالها بين الثقافات والحضارات واللغات، رهين بمدى امتلاك هذا القارئ لـكلمات الجواز (les mots de passe)، بتعبير"ج. بودريار"[16]، لتحاور ذات المترجم في لغة المنطلق، ذات القارئ/الآخر في لغة الوصول.
    من حيث إن هذا القارئ/المتلقي فعالية نصية، وخطابية، وتاريخية، وثقافية، واجتماعية، يستهدفه خطاب الترجمة، وهو إما قارئ عادي مستهلك للنصوص الترجمية، وإما قارئ محترف، وهو المترجم نفسه الذي أسميناه بـ(القارئ الترجمي)؛ لأنه القارئ والمقروء في نص/خطاب الترجمة، كونها عملية تلق من طرفه لنصوص والخطابات السابقة أو المعاصرة لفعل لقراءة الترجمية، متمثلا لها وكأنه تلقاها لأول مرة في لغتها الأصلية على ما قاله "نيدا"[17]. ليصبح المترجم عبارة عن مجموعة من القراءات والتلقيات المتحولة من هذه الخطابات والنصوص، ليقوم بإعادة تسنينها، بتنشيطه لكفاءاته الترجمية المنجزة للقدرة التفاعلية النص المترجم، والقارئ المتلقي لهذا النص، عبر المسارات التواصلية والتداولية الموجودة بينهما، وهذا التواصل والتداول موجود في كل لسان، أو من لسان إلى آخر، ما هو إلا ترجمة؛ لأن فعل التواصل، والتداول يشمل كلا من فعلي القراءة، والترجمة؛ لهذا كانت الترجمة مشمولة بمفهوم الحياة بكل ارتحالاتها عند "فالتر بنيامين"[18]، فهي تحيا بنا ونحيا بها، تحيا بنا تواصلا وتداولا وتعاملا، ونحيا بها تحورا، وتفاهما، وتثاقفا.
    3- بين ترجمة الحال وترجمة الارتحال:
    وبين هذا البسط المعرفي، والقبض المنهجي، تسكن كينونة الترجمة المنسية، في مسارب الزمان، ومسالك المكان، حالة مرتحلة، معيدة قصة مبدأ الطوفان وحكاية بلبلة اللسان:
    أ- الترجمة والاختلاف:
    في البدء كانت الترجمة؟ وكان الاختلاف الحامل لبلبلتها وتشتتها (déssemination)، والناثر لأصواتها وحروفها، وكان"جاك دريدا"، الذي ما فتئ يسائل الترجمة كسلفه "هايدغر":
    ماذا لو كان الأصل معتمدا على الترجمة؟
    ماذا لو قيل إن الأصل مرهون بالترجمة؟
    ماذا لو كان تعريف النص مرتبطا بالترجمة لا بالأصل؟
    ماذا لو كانت هوية (الأصل) غير مستقرة، وتتغير بتغير الترجمة؟
    إلى غير ذلك من الأسئلة[19].
    ليجد أن عمل الاختلاف في الترجمة ليس عملا ثانويا ولا متفرعا باللسان إلى لغة أصلية، أو نص أصلي كما يرى "فالتر بنيامين"، بل يجب على الترجمة من خلال الاختلاف أن تسعى إلى فرض غرابة النص المترجم على اللغة المترجم إليها، فتبتعد عن ذلك قليلا لجرّه إلى هذه اللغة، وتبتعد عن هذه قليلا لجرّها إلى النص، هكذا تنشأ لغة ثالثة هي أقرب إلى اللغة الكبرى المتخفية[20]، أو تللك اللغة/الكينونة المنسية التي ينشدها "هايدغر".
    لهذا كان الأصل بفعل الإخـ(ت)لاف يحيا بواسطة الترجمة، فحياته هي عبارة عن زيادة معان جديدة فيه، وانمحاء أخرى قديمة منه، وما انمحى منها يترك أثره (trace)، وما ترك من آثار لا يلبث أن يأخذ في الانبعاث والظهور، وما إن يظهر حتى يذب إليه الانمحاء والدثور، وهكذا ما يلبث أن يأخذ في الانبعاث والظهور[21]، فالترجمة بهذا اختلاف في ذاتها في حلها وارتحالها، قبل أن تكون في غيرها، لذا وجب على المترجم الوعي باخـ(ت)لافيتها.
    ب- الترجمة جذبة صوفية:
    بعد الطوفان سلك القارئ الترجمي (الإنسان) مسلك العرفان، فأصبح ذلك السائر الحائر في عماءات المكافئات النصية وبرازخ الحيرات الترجمية، بين قبض المترجم على هذه المكافئات وتلقيات القارئ في الفهم عنه/به، عنها (الترجمة)، وهو بتعبير"دوساتو" : "ذلك الذي لا ينفك عن كونه مسافرا، والذي يبحث عنه ليس شيئا معينا أو مكانا محددا، وأنه لا يمكنه البقاء هنا (في لغة الأصل)، أو الرضا بهذا (أي الذي يترجمه)... فهو يواصل إذن، سيره وترك الأثر في ذاته في صمت وانكتاب"[22].
    لهذا كانت الترجمة جذبة صوفية[23]، تجذب "اللسان ترجمان الجنان... به يترجم الإنسان خطاب الحق في قلبه من لغة المعاني والإشارات، إلى لغة الخلق، لغة الألفاظ والحروف[24] على ما قاله محي الدين بن عربي. فنجد النص الترجمي يلتص من لغتنا لينصها (يرفعها فهما وعلما) في لغات الآخرين، كذا الخطاب الترجمي، فهو حجاب يحجبنا عن لغتنا، ليجلينا في لغات الآخرين، لهذا فالمترجم ينجم النص الأصلي/المنطلق شهودا، ليـ(ت)ـرجِّمه (النص المترجم) غيابا وارتحالا.
    ولهذا يسافر بنا المترجم في معراجه الترجمي/العرفاني، بارتحاله عن لغته فقدا؛ لأن "المشاركة في اللسان قرابة وصلة، والمرء مع الغرباء مثل السجين المقيد"[25] على ما ذكره "جلال الدين الرومي" في المثنوي، ليصل ويوصل به إلى مقام العماء اللغوي أين يموت عن كل اللغات، فما ثمة إلا الحال يعبر عنه غيوب المقال" وغير النطق، وغير الإشارة، وغير الكتابة، هناك مئات من الألوف من التراجمة تنبع من القلب [المثنوي، ك1، ص134]، وفي نزوله والنزول به من هذا المعراج الترجمي، سينوجد في لغات الآخرين ليحيا فيها؛ لأن "لسان المأذون له لسان من نوع آخر، والمشاركة في القلوب أفضل من المشاركة في الألسنة "[المثنوي، ك1، ص135].
    نجد أن الخطاب الترجمي يفيض على قلوب العارفين/المترجمين (عن خطاب الحق بلسان الخلق)؛ لأنه دائما في خلق جديد بين الفقد والوجد، بين الغياب والشهود، بين الاختلاف والائتلاف، لهذا قلنا بأن المترجم يموت عن لغته ليحيا في لغات الآخرين ففهم.
    ج- الترجمة من لسان بابل إلى لسان العولمة:
    هذه المسافة الترجمية المحيرة والصعبة في آ ن[من...إلى]، لم تتغير كثيرا من حيث بناها الترجمية العميقة، فما أشبه بابل بالعولمة، فكلاهما ينشرطان بالبلبلة.
    إلا أن برج بابل قد استأثر به المخيال الغربي عن المخيال الشرقي، ليستخذمه كإستراتيجية بنائية وإنتاجية لهذا الآخر، وكموضوع له، ليعيد قراءته (ترجمته) من منظوره الخاص[26] والفارق الوحيد بين بابل والعولمة، أن بابل هي لسان الكثرة المتعددة، أما العولمة فهي لسان الكثرة المتوحدة، أين تتماهى اللغات وتتلاشى الهويات لتصنع لنا مترجم المستقبل في هذا العالم الرقمي الافتراضي المتسارع، الذي سيجلس إلى محطة عمل هي أشبه ما يكون بآلة تأليف الموسيقى، التي يعزف عليها الفنان كل أنغام الأوركيسترا على لوحة واحدة من المفاتيح"[27] بتعبير"كينغسكوت"، بهذا يتم الإعلان عن موت المترجم والترجمة، أي موت نمط معين من التراجمة والترجمة التقليدية، وظهور الترجمة الرقمية والمترجم الرقمي، المواجه لهذا المدّ التكنولوجي المهول، والمنخرط في السياق العولمي الجديد، والمبتكر لإمكانيات ترجمية جديدة، بطرائق أكثر تطورا، فأصبحنا اليـوم نتكلم عن الترجمة المحوسبة، أو عن الترجمة المتعددة الوسائط القائمة على شبكة الأنترنيت أساسا.
    يصبح هذا المترجم المتبلبل والمتعولم مهندسا لغويا لنصوصه وخطاباته المترجمة، عارفا على وجه الخصوص[28]، بالمصطلح التقـني، وأشكال التـبادل المصطلحي، وتـقـنيات الكتابة العلمية، وقيم الفهم عند القارئ المستهدف، ومبادئ التجهيز الإلكتروني للكلام.
    والحـال هكذا وجب علـى المتـرجم التداولي والتواصلي، في حـلّه وترحاله الدائمين، أن يتكلم/يتحاور اللسانين (بابل والعولمة)، وأن يتواصل بالنصين، وأن يتداول الخطابين، وعليه أن يعي بأن العولمة بوصفها تحولا تاريخيا تضعنا في مفترق الحقائق، وتنوع الإمكانات والخيارات قد تولّد الانغلاق والتطرف، وقد تنتج التعايش (والتفاهم) والتبادل، ولكل أثمانه[29].
    وبعد كل هذا الحل والترحال في الترجمة وبها، وجدناها مستعصية على الحد والتحديد، فهي ما إن تحل فينا فهما حتى ترتحل عنا مرة أخرى لفهوم أخرى في ألسنة أخرى، فهي حالة مرتحلة خوفا من الطوفان الذي سيبلبل اللسان، فلا بدّ من موت الترجمان/المترجم الذي لن يسبح في نهر الترجمة [من...(لغة الأصل)...إلى (لغة الوصل)] مرتين؛ لأن هذا الحل والترحال سمتان دائمتان فيها لنتفاهم بها، وتتفاهم بنا، لنحيا بها وتحيا بنا، فهي فعل حواري، كما أنها فعل تأويلي، وعمل تداولي، ومسلك بياني، كونها جذبة صوفية تجلّت في خبرة علمية.

    هوامش
    [1] - القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، دار الكتب العلمية، مج9، دت، بيروت، ص230.
    [2] - D.Maingueneau, initiation aux méthodes de l analyse du discours, ed.Hachette, paris, 1976, p.p.11-12.
    [3] - ابن سعود الخزاعي، تخريج الدلالات السمعية، تحقيق:إحسان عباس، دار الغرب،ط1.
    [4] - أبو عمر الجاحظ، الحيوان، شرح وتحقيق: مجدي الشامي، دار ومكتبة الهلال، ط3، سنة1997
    [5] - ج.هيوسلفرمان، نصيات (بين الهرمنيوطيقا والتفكيكية)، تر:حسين ناظم، وعلي حاكم صالح المركز الثقافي العربي،ط1، سنة2002، الدار البيضاء، ص37-103.
    [6] - أبو عمر الجاحظ، الحيوان، ص52.
    [7] - عبد السلام بنعبد العالي، في الترجمة، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، سنة2001، بيروت، ص13.
    [8]- مارتن هاديغر، المنادى إنشاد (قراءة في شعر هولدرن، وتراكل)، ت:بسام حجاز، المركز الثقافي العربي،ط1،سنة1994،الدار البيضاء، ص13-39.
    [9] - أمبرتو إيكو، القارئ في الحكاية، ت:أنطوان أبو زيد، المركز الثقافي العربي ط1، سنة 1996، الدار البيضاء، ص61.
    [10] - هانس. ج.غادامر، اللغة كوسيط للخبرة الهرمنيوطيقية، في مجلة فكر وفن،ع75،مركز غوثه الألماني، سنة2002، ألمانية، ص46.
    [11] - R.Galison, D.Coste, dictionnaire de didactique des langages,ed. Hachette, paris, 1976,p.314
    [12] - عبد السلام بنعبد العالي، في الترجمة، ص35-43.
    [13] - H.R.Jauss,pour une Esthétique de réception,ed.Gallimard,paris, 1978,p.49.
    [14] - Wolfgang Iser,the act of reading, theory of aesthetic response,
    bollimare,johnos hopkins u.p.1978,p.35
    [15] - أمبرتو إيكو،القارئ في الحكاية،ص77.
    [16] - محمد شوقي الزين، تأويلات وتفكيكات(فصول في الفكر الغربي المعاصر)، المركز الثقافي العربي،ط1، سنة2002،الدار البيضاء، ص223-224.
    [17]-Eugene Nida,Carles R.Taber, la traduction, théorie et méthode, ed.biblique universelle, londres alliance, 1971, p.11.
    [18] - فالتر بنيامين، المترجم ومهمته (قابلية النصوص لترجمة)،ت:حسين الموزاني، في مجلة فكر وفن،ع79، مركز غوثه الألماني، سنة2004،ألمانيا، ص21.
    [19] - محمد الديداوي، الترجمة والتواصل،المركز الثقافي العربي،ط1،سنة1998،الدار البيضاء ص124..
    [20] - جاك دريدا،الكتابة والاختلاف، ت:جهاد كاظم،دار توبقال للنشر،ط1،سنة1988، الدار البيضاء،ص45
    [21] - طه عبد الرحمن،فقه الفلسفة (الفلسفة والترجمة1)،المركز الثقافي العربي،ط1، سنة1995.الدار البيضاء، ص113.
    [22] - محمد شوقي الزين،تأويلات وتفكيكات،ص98-99.
    [23] - عبد الغفار مكاوي، الترجمة كفعل صوفي، في حوار أجرته معه مجلة فكر وفن، ع79، مركز غوثه الألماني، سنة2004، ألمانيا، ص40-41.
    [24] - سعاد الحكيم، المعجم الصوفي(الحكمة في حدود الكلمة)، د ندرة للطباعة والنشر، ط1، سنة 1981، بيروت، ص237-238.
    [25] - جلال الدين الرومي، المثنوي، تحقي ق وشرح وتقديم:إبراهيم الدسوقي شتا، عن المشروع القومي للترجمة،سنة1996، القاهرة، الكتاب الأول،ص134-135
    [26] - عبد الله إبراهيم، الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة (تداخل الأنساق والمفاهيم ورهانات العولمة)، المركز الثقافي العربي، ط1، سنة1999، الدار البيضاء، ص216.
    [27] - محمد الديداوي، الترجمة والتواصل، ص119
    [28] - المرجع نفسه، ص130-131.
    [29] - علي حرب، حديث النهايات (فتوحات العولمة ومأزق الهوية)، المركز الثقافي العربي، ط1، سنة200، الدار البيضاء، ص187.المصدر

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 3:20 am